الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الأم ***
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: لَمَّا كَانَتْ الْجُمُعَةُ وَاجِبَةً وَاحْتَمَلَتْ أَنْ تَكُونَ تَجِبُ عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ بِلاَ وَقْتِ عَدَدِ مُصَلِّينَ وَأَيْنَ كَانَ الْمُصَلِّي مِنْ مَنْزِلِ مُقَامٍ وَظَعْنٍ فَلَمْ نَعْلَمْ خِلاَفًا فِي أَنْ لاَ جُمُعَةَ عَلَيْهِ إلَّا فِي دَارِ مُقَامٍ وَلَمْ أَحْفَظْ أَنَّ الْجُمُعَةَ تَجِبُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلاً وَقَدْ قَالَ: غَيْرُنَا لاَ تَجِبُ إلَّا عَلَى أَهْلِ مِصْرٍ جَامِعٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَسَمِعْت عَدَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى أَهْلِ دَارِ مُقَامٍ إذَا كَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلاً وَكَانُوا أَهْلَ قَرْيَةٍ فَقُلْنَا بِهِ وَكَانَ أَقَلُّ مَا عَلِمْنَاهُ قِيلَ بِهِ وَلَمْ يَجُزْ عِنْدِي أَنْ أَدَّعِ الْقَوْلَ بِهِ وَلَيْسَ خَبَرٌ لاَزِمٌ يُخَالِفُهُ وَقَدْ يُرْوَى مِنْ حَيْثُ لاَ يُثْبِتُ أَهْلُ الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ بِأَرْبَعِينَ رَجُلاً وَرُوِيَ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أَهْلِ قُرَى عُرَيْنَةَ أَنْ يُصَلُّوا الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَيْنِ. وَرُوِيَ أَنَّهُ أَمَرَ عَمْرَو بْنَ حَزْمٍ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِيدَيْنِ بِأَهْلِ نَجْرَانَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: كُلُّ قَرْيَةٍ فِيهَا أَرْبَعُونَ رَجُلاً فَعَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إلَى أَهْلِ الْمِيَاهِ فِيمَا بَيْنَ الشَّامِ إلَى مَكَّةَ جَمَعُوا إذَا بَلَغْتُمْ أَرْبَعِينَ رَجُلاً. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ أَرْبَعُونَ رَجُلاً وَالْقَرْيَةُ الْبِنَاءُ وَالْحِجَارَةُ وَاللَّبِنُ وَالسُّقُفُ وَالْجَرَائِدُ وَالشَّجَرُ؛ لِأَنَّ هَذَا بِنَاءٌ كُلُّهُ وَتَكُونُ بُيُوتُهَا مُجْتَمِعَةً وَيَكُونُ أَهْلُهَا لاَ يَظْعَنُونَ عَنْهَا شِتَاءً وَلاَ صَيْفًا إلَّا ظَعْنَ حَاجَةٍ مِثْلَ ظَعْنِ أَهْلِ الْقُرَى وَتَكُونُ بُيُوتُهَا مُجْتَمِعَةً اجْتِمَاعَ بُيُوتِ الْقُرَى، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُجْتَمِعَةً فَلَيْسُوا أَهْلَ قَرْيَةٍ وَلاَ يَجْمَعُونَ وَيُتِمُّونَ إذَا كَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلاً حُرًّا بَالِغًا فَإِذَا كَانُوا هَكَذَا رَأَيْت- وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ- أَنَّ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةَ فَإِذَا صَلُّوا الْجُمُعَةَ أَجْزَأَتْهُمْ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا بَلَغُوا هَذَا الْعَدَدَ وَلَمْ يَحْضُرُوا الْجُمُعَةَ كُلُّهُمْ رَأَيْت أَنْ يُصَلُّوهَا ظُهْرًا وَإِنْ كَانُوا هَذَا الْعَدَدَ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فِي غَيْرِ قَرْيَةٍ كَمَا وَصَفْت لَمْ يَجْمَعُوا وَإِنْ كَانُوا فِي مَدِينَةٍ عَظِيمَةٍ فِيهَا مُشْرِكُونَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْإِسْلاَمِ، أَوْ مِنْ عَبِيدِ أَهْلِ الْإِسْلاَمِ وَنِسَائِهِمْ وَلَمْ يَبْلُغْ الْأَحْرَارُ الْمُسْلِمُونَ الْبَالِغُونَ فِيهَا أَرْبَعِينَ رَجُلاً لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ أَنْ يَجْمَعُوا وَلَوْ كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ مَارِّينَ بِهَا وَأَهْلُهَا لاَ يَبْلُغُونَ أَرْبَعِينَ رَجُلاً لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ أَنْ يَجْمَعُوا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ كَانَتْ قَرْيَةٌ فِيهَا هَذَا الْعَدَدُ، أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ، ثُمَّ مَاتَ بَعْضُهُمْ، أَوْ غَابُوا، أَوْ انْتَقَلَ مِنْهُمْ حَتَّى لاَ يَبْقَى فِيهَا أَرْبَعُونَ رَجُلاً لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَجْمَعُوا وَلَوْ كَثُرَ مَنْ يَمُرُّ بِهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ مُسَافِرًا، أَوْ تَاجِرًا غَيْرَ سَاكِنٍ لَمْ يُجْمَعْ فِيهَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلُهَا أَرْبَعِينَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ كَانَتْ قَرْيَةً كَمَا وَصَفْت فَتَهَدَّمَتْ مَنَازِلُهَا، أَوْ تَهَدَّمَ مِنْ مَنَازِلِهَا وَبَقِيَ فِي الْبَاقِي مِنْهَا أَرْبَعُونَ رَجُلاً فَإِنْ كَانَ أَهْلُهَا لاَزِمِينَ لَهَا لِيُصْلِحُوهَا جَمَعُوا كَانُوا فِي مَظَالَّ، أَوْ غَيْرِ مَظَالَّ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا كَانَ أَهْلُهَا أَرْبَعِينَ، أَوْ أَكْثَرَ فَمَرِضَ عَامَّتُهُمْ حَتَّى لَمْ يُوَافِ الْمَسْجِدَ مِنْهُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعُونَ رَجُلاً حُرًّا بَالِغًا صَلُّوا الظُّهْرَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ كَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ مِنْ قَوْمٍ مَارِّينَ، أَوْ تُجَّارٍ لاَ يَسْكُنُونَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَجْمَعُوا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ الْمُقِيمِينَ بِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلاً حُرًّا بَالِغًا قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ كَانَ أَهْلُهَا أَرْبَعِينَ رَجُلاً حُرًّا بَالِغًا وَأَكْثَرَ وَمِنْهُمْ مَغْلُوبٌ عَلَى عَقْلِهِ وَلَيْسَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ أَرْبَعِينَ رَجُلاً صَحِيحًا بَالِغًا يَشْهَدُونَ الْجُمُعَةَ كُلُّهُمْ لَمْ يَجْمَعُوا وَإِذَا كَانَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ أَرْبَعِينَ فَصَاعِدًا فَخَطَبَهُمْ الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَانْفَضَّ عَنْهُ بَعْضُهُمْ قَبْلَ تَكْبِيرَةِ الصَّلاَةِ حَتَّى لاَ يَبْقَى مَعَهُ أَرْبَعُونَ رَجُلاً فَإِنْ ثَابُوا قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ حَتَّى يَكُونُوا أَرْبَعِينَ رَجُلاً صَلَّى بِهِمْ الْجُمُعَةَ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَرْبَعِينَ رَجُلاً حَتَّى يُكَبِّرَ لَمْ يُصَلِّ بِهِمْ الْجُمُعَةَ وَصَلُّوهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ انْفَضُّوا عَنْهُ فَانْتَظَرَهُمْ بَعْدَ الْخُطْبَةِ حَتَّى يَعُودُوا أَحْبَبْت لَهُ أَنْ يُعِيدَ خُطْبَةً أُخْرَى إنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ مُهْلَةٌ ثُمَّ يُصَلِّيَهَا جُمُعَةً، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ صَلَّاهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلاَةِ فَصْلٌ يَتَبَاعَدُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ خَطَبَ بِهِمْ وَهُمْ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلاً، ثُمَّ ثَابَ الْأَرْبَعُونَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلاَةِ صَلَّاهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا وَلاَ أَرَاهَا تُجْزِئُ عَنْهُ حَتَّى يَخْطُبَ بِأَرْبَعِينَ فَيَفْتَتِحَ الصَّلاَةَ بِهِمْ إذَا كَبَّرَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلاَ أُحِبُّ فِي الْأَرْبَعِينَ إلَّا مَنْ وَصَفْت عَلَيْهِ فَرْضَ الْجُمُعَةِ مِنْ رَجُلٍ حُرٍّ بَالِغٍ غَيْرِ مَغْلُوبٍ عَلَى عَقْلِهِ مُقِيمٍ لاَ مُسَافِرٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ خَطَبَ بِأَرْبَعِينَ، ثُمَّ كَبَّرَ بِهِمْ، ثُمَّ انْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ فَفِيهَا قَوْلاَنِ: أَحَدُهُمَا: إنْ بَقِيَ مَعَهُ اثْنَانِ حَتَّى تَكُونَ صَلاَتُهُ صَلاَةَ جَمَاعَةٍ تَامَّةٍ فَصَلَّى الْجُمُعَةَ أَجْزَأَتْهُ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِيهَا وَهِيَ مُجْزِئَةٌ عَنْهُمْ وَلَوْ صَلَّاهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا أَجْزَأَتْهُ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ: أَنَّهَا لاَ تُجْزِئُهُ بِحَالٍ حَتَّى يَكُونَ مَعَهُ أَرْبَعُونَ حِينَ يَدْخُلُ وَيُكْمِلُ الصَّلاَةَ وَلَكِنْ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إلَّا عَبْدَانِ، أَوْ عَبْدٌ وَحُرٌّ، أَوْ مُسَافِرَانِ، أَوْ مُسَافِرٌ وَمُقِيمٌ صَلَّاهَا ظُهْرًا قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ بَقِيَ مَعَهُ مِنْهُمْ بَعْدَ تَكْبِيرِهِ اثْنَانِ، أَوْ أَكْثَرُ فَصَلَّاهَا جُمُعَةً، ثُمَّ بَانَ لَهُ أَنَّ الِاثْنَيْنِ، أَوْ أَحَدَهُمَا مُسَافِرٌ، أَوْ عَبْدٌ، أَوْ امْرَأَةٌ أَعَادَهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَمْ يُجْزِئُهُ جُمُعَةٌ فِي وَاحِدٍ مِنْ الْقَوْلَيْنِ حَتَّى يُكْمِلَ مَعَهُ الصَّلاَةَ اثْنَانِ مِمَّنْ عَلَيْهِ جُمُعَةٌ فَإِنْ صَلَّى وَلَيْسَ وَرَاءَهُ اثْنَانِ فَصَاعِدًا مِمَّنْ عَلَيْهِ فَرْضُ الْجُمُعَةِ كَانَتْ عَلَيْهِمْ ظُهْرًا أَرْبَعًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ فَقَدَّمَ رَجُلاً مِمَّنْ حَضَرَ الْخُطْبَةَ وَخَلْفَهُ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلاً صَلُّوهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا لاَ يُجْزِئُهُمْ وَلاَ الْإِمَامُ الْمُحْدِثُ إلَّا ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ إمَامَتَهُ زَالَتْ وَابْتَدَلَتْ بِإِمَامَةِ رَجُلٍ لَوْ كَانَ الْإِمَامُ مُبْتَدِئًا فِي حَالِهِ تِلْكَ لَمْ يُجْزِئْهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا إلَّا ظُهْرًا أَرْبَعًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا افْتَتَحَ الْإِمَامُ جُمُعَةً ثُمَّ أَمَرْته أَنْ يَجْعَلَهَا ظُهْرًا أَجْزَأَهُ مَا صَلَّى مِنْهَا وَهُوَ يَنْوِي الْجُمُعَةَ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ هِيَ الظُّهْرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَّا أَنَّهُ كَانَ لَهُ قَصْرُهَا فَلَمَّا حَدَثَ حَالٌ لَيْسَ لَهُ فِيهَا قَصْرُهَا أَتَمَّهَا كَمَا يَبْتَدِئُ الْمُسَافِرُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَنْوِي الْمُقَامَ قَبْلَ أَنْ يُكْمِلَ الرَّكْعَتَيْنِ فَيُتِمَّ الصَّلاَةَ أَرْبَعًا وَلاَ يَسْتَأْنِفَهَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ} قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا كَانَ قَوْمٌ بِبَلَدٍ يُجْمِعُ أَهْلُهَا وَجَبَتْ الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ يَسْمَعُ النِّدَاءَ مِنْ سَاكِنِي الْمِصْرِ، أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ بِدَلاَلَةِ الآيَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَتَجِبُ الْجُمُعَةُ عِنْدَنَا عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْمِصْرِ وَإِنْ كَثُرَ أَهْلُهَا حَتَّى لاَ يَسْمَعَ أَكْثَرُهُمْ النِّدَاءَ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ تَجِبُ بِالْمِصْرِ وَالْعَدَدِ، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُمْ، أَوْلَى بِأَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ مِنْ غَيْرِهِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَوْلِي: سَمِعَ النِّدَاءَ إذَا كَانَ الْمُنَادِي صَيِّتًا وَكَانَ هُوَ مُسْتَمِعًا، وَالْأَصْوَاتُ هَادِئَةٌ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُنَادِي غَيْرَ صَيِّتٍ وَالرَّجُلُ غَافِلٌ وَالْأَصْوَاتُ ظَاهِرَةٌ فَقَلَّ مَنْ يَسْمَعُ النِّدَاءَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَسْت أَعْلَمُ فِي هَذَا أَقْوَى مِمَّا وَصَفْت وَقَدْ كَانَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَكُونَانِ بِالشَّجَرَةِ عَلَى أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَمْيَالٍ فَيَشْهَدَانِ الْجُمُعَةَ وَيَدَعَانِهَا وَقَدْ كَانَ يُرْوَى أَنَّ أَحَدَهُمَا كَانَ يَكُونُ بِالْعَقِيقِ فَيَتْرُكُ الْجُمُعَةَ وَيَشْهَدُهَا وَيُرْوَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ كَانَ عَلَى مِيلَيْنِ مِنْ الطَّائِفِ فَيَشْهَدُ الْجُمُعَةَ وَيَدَعُهَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ يَسْمَعُ النِّدَاءَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا كَانَتْ قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ وَكَانَ لَهَا قُرًى حَوْلَهَا مُتَّصِلَةَ الْأَمْوَالِ بِهَا وَكَانَتْ أَكْثَرُ سُوقِ تِلْكَ الْقُرَى فِي الْقَرْيَةِ الْجَامِعَةِ لَمْ أُرَخِّصْ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ، وَكَذَلِكَ لاَ أُرَخِّصُ لِمَنْ عَلَى الْمِيلِ وَالْمِيلَيْنِ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا، وَلاَ يَتَبَيَّنُ عِنْدِي أَنْ يُحْرَجَ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ إلَّا مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ وَيُشْبِهُ أَنْ يُحْرَجَ أَهْلُ الْمِصْرِ، وَإِنْ عَظُمَ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ.
وَالْجُمُعَةُ خَلْفَ كُلِّ إمَامٍ صَلَّاهَا مِنْ أَمِيرٍ وَمَأْمُورٍ وَمُتَغَلِّبٍ عَلَى بَلْدَةٍ وَغَيْرِ أَمِيرٍ مُجْزِئَةٌ كَمَا تُجْزِئُ الصَّلاَةُ خَلْفَ كُلِّ مَنْ سَلَفَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ قَالَ: شَهِدْنَا الْعِيدَ مَعَ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَتُجْزِئُ الْجُمُعَةُ خَلْفَ الْعَبْدِ وَالْمُسَافِرِ كَمَا تُجْزِئُ الصَّلاَةُ غَيْرَهَا خَلْفَهُمَا فَإِنْ قِيلَ لَيْسَ فَرْضُ الْجُمُعَةِ عَلَيْهِمَا، قِيلَ لَيْسَ يَأْثَمَانِ بِتَرْكِهَا وَهُمَا يُؤْجَرَانِ عَلَى أَدَائِهَا وَتُجْزِئُ عَنْهُمَا كَمَا تُجْزِئُ عَنْ الْمُقِيمِ وَكِلاَهُمَا عَلَيْهِ فَرْضُ الصَّلاَةِ بِكَمَالِهَا وَلاَ أَرَى أَنَّ الْجُمُعَةَ تُجْزِئُ خَلْفَ غُلاَمٍ لَمْ يَحْتَلِمْ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَلاَ تَجْمَعُ امْرَأَةٌ بِنِسَاءٍ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ إمَامَةُ جَمَاعَةٍ كَامِلَةٍ وَلَيْسَتْ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ لَهَا أَنْ تَكُونَ إمَامَ جَمَاعَةٍ كَامِلَةٍ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: وَلاَ يُجْمَعُ فِي مِصْرٍ وَإِنْ عَظُمَ أَهْلُهُ وَكَثُرَ عَامِلُهُ وَمَسَاجِدُهُ إلَّا فِي مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ مَسَاجِدُ عِظَامٌ لَمْ يُجْمَعْ فِيهَا إلَّا فِي وَاحِدٍ وَأَيُّهَا جُمِعَ فِيهِ أَوَّلاً بَعْدَ الزَّوَالِ فَهِيَ الْجُمُعَةُ، وَإِنْ جُمِعَ فِي آخَرَ سِوَاهُ يَعُدُّهُ لَمْ يَعْتَدَّ الَّذِينَ جَمَعُوا بَعْدَهُ بِالْجُمُعَةِ، وَكَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُعِيدُوا ظُهْرًا أَرْبَعًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَسَوَاءٌ الَّذِي جَمَعَ أَوَّلاً الْوَالِي، أَوْ مَأْمُورٌ، أَوْ رَجُلٌ، أَوْ تَطَوَّعَ، أَوْ تَغَلَّبَ، أَوْ عُزِلَ فَامْتَنَعَ مِنْ الْعَزْلِ بِمَنْ جَمَعَ مَعَهُ أَجْزَأَتْ عَنْهُ الْجُمُعَةُ، وَمَنْ جَمَعَ مَعَ الَّذِي بَعْدَهُ لَمْ تُجْزِهِ الْجُمُعَةُ وَإِنْ كَانَ وَالِيًا وَكَانَتْ عَلَيْهِ إعَادَةُ الظُّهْرِ. قال: وَهَكَذَا إنْ جَمَعَ مِنْ الْمِصْرِ فِي مَوَاضِعَ فَالْجُمُعَةُ الْأُولَى، وَمَا سِوَاهَا لاَ تُجْزِئُ إلَّا ظُهْرًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ أَشْكَلَ عَلَى الَّذِينَ جَمَعُوا أَيُّهُمْ جَمَعَ أَوَّلاً أَعَادُوا كُلُّهُمْ ظُهْرًا أَرْبَعًا قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ أَشْكَلَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَعَادُوا فَجَمَعَتْ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ ثَانِيَةٌ فِي وَقْتِ الْجُمُعَةِ أَجْزَأَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ جُمُعَتَهُمْ الْأُولَى لَمْ تَجْزِ عَنْهُمْ وَهُمْ أَوَّلاً حِينَ جَمَعُوا أَفْسَدُوا، ثُمَّ عَادُوا فَجَمَعُوا فِي وَقْتِ الْجُمُعَةِ. قَالَ الرَّبِيعُ: وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنْ يُصَلُّوا ظُهْرًا لِأَنَّ الْعِلْمَ يُحِيطُ أَنَّ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَدْ صَلَّتْ قَبْلَ الْأُخْرَى فَكَمَا جَازَتْ الصَّلاَةُ لِلَّذِينَ صَلُّوا أَوَّلاً وَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوهَا لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ بَعْدَ تَمَامِ جُمُعَةٍ قَدْ تَمَّتْ.
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ وَإِذَا اتَّسَعَتْ الْبَلَدُ وَكَثُرَتْ عِمَارَتُهَا فَبُنِيَتْ فِيهَا مَسَاجِدُ كَثِيرَةٌ عِظَامٌ وَصِغَارٌ لَمْ يَجُزْ عِنْدِي أَنْ يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ فِيهَا إلَّا فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ إذَا اتَّصَلَتْ بِالْبَلَدِ الْأَعْظَمِ مِنْهَا قَرَيَات صِغَارٌ لَمْ أُحِبَّ أَنْ يُصَلِّيَ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ وَإِنْ صَلَّى فِي مَسْجِدٍ مِنْهَا غَيْرِهِ صُلِّيَتْ الظُّهْرُ أَرْبَعًا، وَإِنْ صُلِّيَتْ الْجُمُعَةُ أَعَادَ مَنْ صَلَّاهَا فِيهَا. قال: وَتُصَلَّى الْجُمُعَةُ فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ فَإِنْ صَلَّاهَا الْإِمَامُ فِي مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِهَا أَصْغَرَ مِنْهُ كَرِهْت ذَلِكَ لَهُ وَهِيَ مُجْزِئَةٌ عَنْهُ. قال: وَإِنْ صَلَّى غَيْرُ إمَامٍ فِي مَسْجِدِهَا الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامُ فِي مَسْجِدٍ أَصْغَرَ فَجُمُعَةُ الْإِمَامِ وَمَنْ مَعَهُ مُجْزِئَةٌ وَيُعِيدُ الْآخَرُونَ الْجُمُعَةَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ وَكَّلَ الْإِمَامُ مَنْ يُصَلِّي فَصَلَّى وَكِيلُ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ، أَوْ الْأَصْغَرِ قَبْلَ الْإِمَامِ وَصَلَّى الْإِمَامُ فِي مَسْجِدٍ غَيْرِهِ فَجُمُعَةُ الَّذِينَ صَلُّوا فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ، أَوْ الْأَصْغَرِ قَبْلَ الْإِمَامِ مُجْزِئَةٌ وَيُعِيدُ الْآخَرُونَ ظُهْرًا قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَكَذَا إذَا وَكَّلَ الْإِمَامُ رَجُلَيْنِ يُصَلِّي أَيُّهُمَا أَدْرَكَ فَأَيُّهُمَا صَلَّى الْجُمُعَةَ أَوَّلاً أَجْزَأَهُ وَإِنْ صَلَّى الْآخَرُ بَعْدَهُ فَهِيَ ظُهْرٌ وَإِنْ كَانَ وَالٍ يُصَلِّي فِي مَسْجِدٍ صَغِيرٍ وَجَاءَ وَالٍ غَيْرُهُ فَصَلَّى فِي مَسْجِدٍ عَظِيمٍ فَأَيُّهُمَا صَلَّى أَوَّلاً فَهِيَ الْجُمُعَةُ وَإِذَا قُلْت: أَيُّهُمَا صَلَّى أَوَّلاً فَهِيَ الْجُمُعَةُ فَلَمْ يُدْرَ أَيُّهُمَا صَلَّى أَوَّلاً، فَأَعَادَ أَحَدُهُمَا الْجُمُعَةَ فِي الْوَقْتِ أَجْزَأَتْ وَإِنْ ذَهَبَ الْوَقْتُ أَعَادَا مَعًا فَصَلَّيَا مَعًا أَرْبَعًا أَرْبَعًا. قَالَ الرَّبِيعُ: يُرِيدُ يُعِيدُ الظُّهْرَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْأَعْيَادُ مُخَالِفَةٌ الْجُمُعَةَ الرَّجُلُ يُصَلِّي الْعِيدَ مُنْفَرِدًا وَمُسَافِرًا وَتُصَلِّيهِ الْجَمَاعَةُ لاَ يَكُونُ عَلَيْهَا جُمُعَةٌ؛ لِأَنَّهَا لاَ تُحِيلُ فَرْضًا وَلاَ أَرَى بَأْسًا إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ إلَى مُصَلَّاهُ فِي الْعِيدَيْنِ، أَوْ الِاسْتِسْقَاءِ أَنْ يَأْمُرَ مَنْ يُصَلِّي بِضَعَفَةِ النَّاسِ الْعِيدَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمِصْرِ، أَوْ مَوَاضِعَ. قال: وَإِذَا كَانَتْ صَلاَةُ الرَّجُلِ مُنْفَرِدًا مُجْزِئَةً فَهِيَ أَقَلُّ مِنْ صَلاَةِ جَمَاعَةٍ بِأَمْرِ وَالٍ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْ الْوَالِي فَقَدَّمُوا وَاحِدًا أَجْزَأَ عَنْهُمْ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَكَذَا لَوْ قَدَّمُوا فِي صَلاَةِ الْخُسُوفِ فِي مَسَاجِدِهِمْ لَمْ أَكْرَهْ مِنْ هَذَا شَيْئًا بَلْ أُحِبُّهُ وَلاَ أَكْرَهُهُ فِي حَالٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ الْجَمَاعَةِ الْعُظْمَى أَقْوِيَاءَ عَلَى حُضُورِهَا فَأَكْرَهُ ذَلِكَ لَهُمْ أَشَدَّ الْكَرَاهِيَةِ وَلاَ إعَادَةَ عَلَيْهِمْ فَأَمَّا أَهْلُ الْعُذْرِ بِالضَّعْفِ فَأُحِبُّ لَهُمْ ذَلِكَ. قَالَ: الشَّافِعِيُّ: وَالْجُمُعَةُ مُخَالِفَةٌ لِهَذَا كُلِّهِ. قال: وَإِذَا صَلَّوْا جَمَاعَةً، أَوْ مُنْفَرِدِينَ صَلُّوا كَمَا يُصَلِّي الْإِمَامُ لاَ يُخَالِفُونَهُ فِي وَقْتٍ وَلاَ صَلاَةٍ وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَتَكَلَّمَ مُتَكَلِّمُهُمْ بِخُطْبَةٍ إذَا كَانَ بِأَمْرِ الْوَالِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَمْرِ الْوَالِي كَرِهْت لَهُ ذَلِكَ كَرَاهِيَةَ الْفُرْقَةِ فِي الْخُطْبَةِ وَلاَ أَكْرَهُ ذَلِكَ فِي الصَّلاَةِ كَمَا لاَ أَكْرَهُهُ فِي الْمَكْتُوبَاتِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: وَوَقْتُ الْجُمُعَةِ مَا بَيْنَ أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ إلَى أَنْ يَكُونَ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ مِنْ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ، فَمَنْ صَلَّاهَا بَعْدَ الزَّوَالِ إلَى أَنْ يَكُونَ سَلاَمُهُ مِنْهَا قَبْلَ آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ فَقَدْ صَلَّاهَا فِي وَقْتِهَا وَهِيَ لَهُ جُمُعَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي بَلَدٍ قَدْ جُمِعَ فِيهِ قَبْلَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَنْ لَمْ يُسَلِّمْ مِنْ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَخْرُجَ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ تُجْزِهِ الْجُمُعَةُ وَهِيَ لَهُ ظُهْرٌ وَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَهَا أَرْبَعًا أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ رَبَاحٍ عَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ إذَا فَاءَ الْفَيْءُ قَدْرَ ذِرَاعٍ، أَوْ نَحْوِهِ. أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ قَالَ قَدِمَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَهُمْ يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ وَالْفَيْءُ فِي الْحِجْرِ فَقَالَ لاَ تُصَلُّوا حَتَّى تَفِيءَ الْكَعْبَةُ مِنْ وَجْهِهَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَوَجْهُهَا الْبَابُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَعْنِي مُعَاذًا حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلاَ اخْتِلاَفَ عِنْدَ أَحَدٍ لَقِيته أَنْ لاَ تُصَلَّى الْجُمُعَةُ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَبْتَدِئَ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ زَوَالَ الشَّمْسِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ ابْتَدَأَ رَجُلٌ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ ثُمَّ زَالَتْ الشَّمْسُ فَأَعَادَ خُطْبَتَهُ أَجْزَأَتْ عَنْهُ الْجُمُعَةُ وَإِنْ لَمْ يُعِدْ خُطْبَتَيْنِ بَعْدَ الزَّوَالِ لَمْ تُجْزِ الْجُمُعَةُ عَنْهُ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا، وَإِنْ صَلَّى الْجُمُعَةَ فِي حَالٍ لاَ تُجْزِي عَنْهُ فِيهِ، ثُمَّ أَعَادَ الْخُطْبَةَ وَالصَّلاَةَ فِي الْوَقْتِ أَجْزَأَتْ عَنْهُ وَإِلَّا صَلَّاهَا ظُهْرًا وَالْوَقْتُ الَّذِي تَجُوزُ فِيهِ الْجُمُعَةُ مَا بَيْنَ أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ إلَى أَنْ يَدْخُلَ وَقْتُ الْعَصْرِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلاَ تُجْزِئُ جُمُعَةٌ حَتَّى يَخْطُبَ الْإِمَامُ خُطْبَتَيْنِ وَيُكْمِلَ السَّلاَمَ مِنْهَا قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ دَخَلَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ الْجُمُعَةَ ظُهْرًا أَرْبَعًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى خَرَجَ مِنْهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ أَغْفَلَ الْجُمُعَةَ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ خَطَبَ أَقَلَّ مِنْ خُطْبَتَيْنِ وَصَلَّى أَخَفَّ مِنْ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الصَّلاَةِ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْعَصْرِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ ظُهْرًا أَرْبَعًا وَلاَ يَخْطُبُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ رَأَى أَنَّهُ يَخْطُبُ أَخَفَّ خُطْبَتَيْنِ وَيُصَلِّي أَخَفَّ رَكْعَتَيْنِ إذَا كَانَتَا مُجْزِئَتَيْنِ عَنْهُ قَبْلَ دُخُولِ أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ لَمْ يَجُزْ لَهُ إلَّا أَنْ يَفْعَلَ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الصَّلاَةِ قَبْلَ دُخُولِ الْعَصْرِ فَهِيَ مُجْزِئَةٌ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا حَتَّى يَدْخُلَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ أَتَمَّهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَسَلَّمَ اسْتَأْنَفَ ظُهْرًا أَرْبَعًا لاَ يَجْزِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الصَّلاَةِ وَهُوَ يَشُكُّ وَمَنْ مَعَهُ، أَدَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ أَمْ لاَ؟ فَصَلاَتُهُمْ وَصَلاَتُهُ مُجْزِئَةٌ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ عَلَى يَقِينٍ مِنْ الدُّخُولِ فِي الْوَقْتِ وَفِي شَكٍّ مِنْ أَنَّ الْجُمُعَةَ لاَ تُجْزِئُهُمْ، فَهُمْ كَمَنْ اسْتَيْقَنَ بِوُضُوءٍ وَشَكَّ فِي انْتِفَاضِهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَسَوَاءٌ شَكُّوا أَكْمَلُوا الصَّلاَةَ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ بِظُلْمَةٍ، أَوْ رِيحٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلاَ يُشْبِهُ الْجُمُعَةَ فِيمَا وَصَفْت الرَّجُلَ يُدْرِكُ رَكْعَةً قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ الْعَصْرَ بَعْدَ غُرُوبِهَا وَلَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا؛ لِأَنَّهُ قَصَرَ فِي وَقْتِهَا وَلَيْسَ لَهُ الْقَصْرُ إلَّا حَيْثُ جُعِلَ لَهُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: وَلاَ يُؤَذَّنُ لِلْجُمُعَةِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا أُذِّنَ لَهَا قَبْلَ الزَّوَالِ أُعِيدَ الْأَذَانُ لَهَا بَعْدَ الزَّوَالِ فَإِنْ أَذَّنَ لَهَا مُؤَذِّنٌ قَبْلَ الزَّوَالِ وَآخَرُ بَعْدَ الزَّوَالِ أَجْزَأَ الْأَذَانُ الَّذِي بَعْدَ الزَّوَالِ وَلَمْ يُعَدْ الْأَذَانُ الَّذِي قَبْلَ الزَّوَالِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الْأَذَانُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حِينَ يَدْخُلُ الْإِمَامُ الْمَسْجِدَ وَيَجْلِسُ عَلَى مَوْضِعِهِ الَّذِي يَخْطُبُ عَلَيْهِ خَشَبٌ، أَوْ جَرِيدٌ أَوْ مِنْبَرٌ، أَوْ شَيْءٌ مَرْفُوعٌ لَهُ، أَوْ الْأَرْضُ فَإِذَا فَعَلَ أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْأَذَانِ فَإِذَا فَرَغَ قَامَ فَخَطَبَ لاَ يَزِيدُ عَلَيْهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأُحِبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ إذَا كَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ لاَ جَمَاعَةُ مُؤَذِّنِينَ. أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ الْأَذَانَ كَانَ أَوَّلُهُ لِلْجُمُعَةِ حِينَ يَجْلِسُ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَلَمَّا كَانَتْ خِلاَفَةُ عُثْمَانَ وَكَثُرَ النَّاسُ أَمَرَ عُثْمَانَ بِأَذَانٍ ثَانٍ فَأُذِّنَ بِهِ فَثَبَتَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ كَانَ عَطَاءٌ يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ عُثْمَانُ أَحْدَثَهُ وَيَقُولُ أَحْدَثَهُ مُعَاوِيَةُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَيُّهُمَا كَانَ فَالْأَمْرُ الَّذِي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إلَيَّ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ أَذَّنَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُؤَذِّنِينَ وَالْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأُذِّنَ كَمَا يُؤَذَّنُ الْيَوْمَ أَذَانٌ قَبْلَ أَذَانِ الْمُؤَذِّنِينَ إذَا جَلَسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ كَرِهْت ذَلِكَ لَهُ وَلاَ يُفْسِدُ شَيْءٌ مِنْهُ صَلاَتَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَيْسَ فِي الْأَذَانِ شَيْءٌ يُفْسِدُ الصَّلاَةَ؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ لَيْسَ مِنْ الصَّلاَةِ إنَّمَا هُوَ دُعَاءٌ إلَيْهَا وَكَذَلِكَ لَوْ صَلَّى بِغَيْرِ أَذَانٍ كَرِهْت ذَلِكَ لَهُ وَلاَ إعَادَةَ عَلَيْهِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْأَذَانُ الَّذِي يَجِبُ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ فَرْضُ الْجُمُعَةِ أَنْ يَذَرَ عِنْدَهُ الْبَيْعَ الْأَذَانُ الَّذِي كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ الْأَذَانُ الَّذِي بَعْدَ الزَّوَالِ وَجُلُوسِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَإِنْ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ قَبْلَ جُلُوسِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَبَعْدَ الزَّوَالِ لَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ مَنْهِيًّا عَنْهُ كَمَا يُنْهَى عَنْهُ إذَا كَانَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَكْرَهُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ الَّذِي أُحِبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْلِسَ فِيهِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَكَذَلِكَ إنْ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ قَبْلَ الزَّوَالِ وَالْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ لَمْ يُنْهَ عَنْ الْبَيْعِ إنَّمَا يُنْهَى عَنْ الْبَيْعِ إذَا اجْتَمَعَ أَنْ يُؤَذِّنَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَالْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا تَبَايَعَ مَنْ لاَ جُمُعَةَ عَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ فِيهِ عَنْ الْبَيْعِ لَمْ أَكْرَهْ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّهُ لاَ جُمُعَةَ عَلَيْهِمَا، وَإِنَّمَا الْمَنْهِيُّ عَنْ الْبَيْعِ الْمَأْمُورُ بِإِتْيَانِ الْجُمُعَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ بَايَعَ مَنْ لاَ جُمُعَةَ عَلَيْهِ مَنْ عَلَيْهِ جُمُعَةٌ كَرِهْت ذَلِكَ لِمَنْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ لِمَا وَصَفْت وَلِغَيْرِهِ أَنْ يَكُونَ مُعِينًا لَهُ عَلَى مَا أَكْرَهُ لَهُ وَلاَ أَفْسَخُ الْبَيْعَ بِحَالٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلاَ أَكْرَهُ الْبَيْعَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَلاَ بَعْدَ الصَّلاَةِ لِأَحَدٍ بِحَالٍ وَإِذَا تَبَايَعَ الْمَأْمُورَانِ بِالْجُمُعَةِ فِي الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ فِيهِ عَنْ الْبَيْعِ لَمْ يَبْنِ لِي أَنْ أَفْسَخَ الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ مَعْقُولاً أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إنَّمَا هُوَ لِإِتْيَانِ الصَّلاَةِ لاَ أَنَّ الْبَيْعَ يَحْرُمُ بِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ الْمُحَرَّمُ لِنَفْسِهِ، أَلاَ تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلاً ذَكَرَ صَلاَةً وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ مِنْ وَقْتِهَا إلَّا مَا يَأْتِي بِأَقَلَّ مَا يُجْزِئُهُ مِنْهَا فَبَايَعَ فِيهِ كَانَ عَاصِيًا بِالتَّشَاغُلِ بِالْبَيْعِ عَنْ الصَّلاَةِ حَتَّى يَذْهَبَ وَقْتُهَا، وَلَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةُ التَّشَاغُلِ عَنْهَا تُفْسِدُ بَيْعَهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلاَئِكَةٌ يَكْتُبُونَ النَّاسَ عَلَى مَنَازِلِهِمْ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ طُوِيَتْ الصُّحُفُ وَاسْتَمَعُوا الْخُطْبَةَ، وَالْمُهَجِّرُ إلَى الصَّلاَةِ كَالْمُهْدِي بَدَنَةً، ثُمَّ الَّذِي يَلِيه كَالْمُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ الَّذِي يَلِيه كَالْمُهْدِي كَبْشًا، حَتَّى ذَكَرَ الدَّجَاجَةَ وَالْبَيْضَةَ». قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقَرْنَ وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلاَئِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ». قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأُحِبُّ لِكُلِّ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ أَنْ يُبَكِّرَ إلَى الْجُمُعَةِ جَهْدَهُ فَكُلَّمَا قَدَّمَ التَّبْكِيرَ كَانَ أَفْضَلَ مَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَلِأَنَّ الْعِلْمَ يُحِيطُ أَنَّ مَنْ زَادَ فِي التَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَانَ أَفْضَلَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ قَالَ: قَائِلٌ: إنَّهُمْ مَأْمُورُونَ إذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِأَنْ يَسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّمَا أُمِرُوا بِالْفَرْضِ عَلَيْهِمْ وَأَمْرُهُمْ بِالْفَرْضِ عَلَيْهِمْ لاَ يَمْنَعُ فَضْلاً قَدَّمُوهُ عَنْ نَافِلَةٍ لَهُمْ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ}. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا سَمِعْت عُمَرَ قَطُّ يَقْرَؤُهَا إلَّا فَامْضُوا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَعْقُولٌ أَنَّ السَّعْيَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْعَمَلُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إنَّ سَعْيكُمْ لَشَتَّى} وَقَالَ: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إلَّا مَا سَعَى} وَقَالَ عَزَّ ذِكْرُهُ: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا}. قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ زُهَيْرٌ: سَعَى بِعَهْدِهِمْ قَوْمٌ لِكَيْ يُدْرِكُوهُمْ فَلَمْ يَفْعَلُوا وَلَمْ يُلِيمُوا وَلَمْ يَأْلُوا- وَزَادَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي هَذَا الْبَيْتِ: وَمَا يَكُ مِنْ خَيْرٍ أَتَوْهُ فَإِنَّمَا تَوَارَثَهُ آبَاءُ آبَائِهِمْ قَبْلُ، وَهَلْ يَحْمِلُ الْخُطَى إلَّا وَشِيجَهُ وَتُغْرَسُ إلَّا فِي مَنَابِتِهَا النَّخْلُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ عَنْ جَدِّهِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إذَا خَرَجْت إلَى الْجُمُعَةِ فَامْشِ عَلَى هِينَتِك. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَفِيمَا وَصَفْنَا مِنْ دَلاَلَةِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ السَّعْيَ الْعَمَلُ وَفِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إذَا أَتَيْتُمْ الصَّلاَةَ فَلاَ تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ وَائْتُوهَا تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا مَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا». قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْجُمُعَةُ صَلاَةٌ كَافٍ مِنْ أَنْ يُرْوَى فِي تَرْكِ الْعَدْوِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ إلَى الْجُمُعَةِ عَنْ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ وَمَا عَلِمْت أَحَدًا رَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجُمُعَةِ أَنَّهُ زَادَ فِيهَا عَلَى مَشْيِهِ إلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَلاَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلاَ تُؤْتَى الْجُمُعَةُ إلَّا مَاشِيًا كَمَا تُؤْتَى سَائِرُ الصَّلَوَاتِ وَإِنْ سَعَى إلَيْهَا سَاعٍ، أَوْ إلَى غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ صَلاَتُهُ وَلَمْ أُحِبَّ ذَلِكَ لَهُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ اشْتَرَيْت هَذِهِ الْحُلَّةَ فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ إذَا قَدِمُوا عَلَيْك فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ»، ثُمَّ جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا حُلَلٌ فَأَعْطَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْهَا حُلَّةً فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَوْتنِيهَا وَقَدْ قُلْت فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْت؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا»، فَكَسَاهَا عُمَرُ أَخًا لَهُ مُشْرِكًا بِمَكَّةَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ابْنِ السَّبَّاقِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي جُمُعَةٍ مِنْ الْجُمَعِ: «يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ إنَّ هَذَا يَوْمٌ جَعَلَهُ اللَّهُ عِيدًا لِلْمُسْلِمِينَ فَاغْتَسِلُوا وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ عِنْدَهُ طِيبٌ فَلاَ يَضُرُّهُ أَنْ يَمَسَّ مِنْهُ وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ». قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَنُحِبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَنَظَّفَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِغُسْلٍ وَأَخْذِ شَعْرٍ وَظُفْرٍ وَعِلاَجٍ لِمَا يَقْطَعُ تَغَيُّرَ الرِّيحِ مِنْ جَمِيعِ جَسَدِهِ وَسِوَاكٍ وَكُلِّ مَا نَظَّفَهُ وَطَيَّبَهُ وَأَنْ يَمَسَّ طِيبًا مَعَ هَذَا إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَيَسْتَحْسِنَ مِنْ ثِيَابِهِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَيُطَيِّبَهَا اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ وَلاَ يُؤْذِيَ أَحَدًا قَارَبَهُ بِحَالٍ، وَكَذَلِكَ أُحِبُّ لَهُ فِي كُلِّ عِيدٍ وَآمُرُهُ بِهِ وَأُحِبُّهُ فِي كُلِّ صَلاَةِ جَمَاعَةٍ وَآمُرُهُ بِهِ وَأُحِبُّهُ فِي كُلِّ أَمْرٍ جَامِعٍ لِلنَّاسِ وَإِنْ كُنْت لَهُ فِي الْأَعْيَادِ مِنْ الْجُمَعِ وَغَيْرِهَا أَشَدَّ اسْتِحْبَابًا لِلسُّنَّةِ وَكَثْرَةِ حَاضِرِهَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَحَبُّ مَا يُلْبَسُ إلَيَّ الْبَيَاضُ فَإِنْ جَاوَزَهُ بِعَصْبِ الْيَمَنِ وَالْقَطَرِيِّ وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا يُصْبَغُ غَزْلُهُ وَلاَ يُصْبَغُ بَعْدَ مَا يُنْسَجُ فَحَسَنٌ وَإِذَا صَلَّاهَا طَاهِرًا مُتَوَارِيَ الْعَوْرَةِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ اسْتَحْبَبْت لَهُ مَا وَصَفْت مِنْ نَظَافَةٍ وَغَيْرِهَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَكَذَا أُحِبُّ لِمَنْ حَضَرَ الْجُمُعَةَ مِنْ عَبْدٍ وَصَبِيٍّ وَغَيْرِهِ إلَّا النِّسَاءَ فَإِنِّي أُحِبُّ لَهُنَّ النَّظَافَةَ بِمَا يَقْطَعُ الرِّيحَ الْمُتَغَيِّرَةَ وَأَكْرَهُ لَهُنَّ الطِّيبَ وَمَا يُشْهَرْنَ بِهِ مِنْ الثِّيَابِ بَيَاضٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ تَطَيَّبْنَ وَفَعَلْنَ مَا كَرِهْت لَهُنَّ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِنَّ إعَادَةُ صَلاَةٍ وَأُحِبُّ لِلْإِمَامِ مِنْ حُسْنِ الْهَيْئَةِ مَا أُحِبُّ لِلنَّاسِ وَأَكْثَرَ مِنْهُ، وَأُحِبُّ أَنْ يَعْتَمَّ فَإِنَّهُ كَانَ يُقَالُ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَمُّ وَلَوْ ارْتَدَى بِبُرْدٍ فَإِنَّهُ كَانَ يُقَالُ: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْتَدِي بِبُرْدٍ، كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ.
أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الصَّلاَةِ نِصْفَ النَّهَارِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ إلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَوْمَ الْجُمُعَةِ يُصَلُّونَ حَتَّى يَخْرُجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَإِذَا خَرَجَ عُمَرُ وَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ حَتَّى إذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ وَقَامَ عُمَرُ سَكَتُوا وَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي ثَعْلَبَةُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ أَنَّ قُعُودَ الْإِمَامِ يَقْطَعُ السَّبْحَةَ وَأَنَّ كَلاَمَهُ يَقْطَعُ الْكَلاَمَ وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَحَدَّثُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَعُمَرُ جَالِسٌ عَلَى الْمِنْبَرِ فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ قَامَ عُمَرُ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ حَتَّى يَقْضِيَ الْخُطْبَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا فَإِذَا قَامَتْ الصَّلاَةُ وَنَزَلَ عُمَرُ تَكَلَّمُوا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِذَا رَاحَ النَّاسُ لِلْجُمُعَةِ صَلُّوا حَتَّى يَصِيرَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَإِذَا صَارَ عَلَى الْمِنْبَرِ كَفَّ مِنْهُمْ مَنْ كَانَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَأَكْثَرَ تَكَلُّمًا حَتَّى يَأْخُذَ فِي الْخُطْبَةِ فَإِذَا أَخَذَ فِيهَا أَنْصَتَ اسْتِدْلاَلاً بِمَا حَكَيْت وَلاَ يُنْهَى عَنْ الصَّلاَةِ نِصْفَ النَّهَارِ مَنْ حَضَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فَقَالَ لَهُ: «أَصَلَّيْت؟» قَالَ: لاَ. قَالَ: «فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ». قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. وَزَادَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَهُوَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ عَجْلاَنَ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: رَأَيْت أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ جَاءَ وَمَرْوَانُ يَخْطُبُ فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَجَاءَ إلَيْهِ الْأَحْرَاسُ لِيُجْلِسُوهُ فَأَبِي أَنْ يَجْلِسَ حَتَّى صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ فَلَمَّا أَقْضَيْنَا الصَّلاَةَ أَتَيْنَاهُ فَقُلْنَا يَا أَبَا سَعِيدٍ: كَادَ هَؤُلاَءِ أَنْ يَفْعَلُوا بِك، فَقَالَ: مَا كُنْت لِأَدَعَهَا لِشَيْءٍ بَعْدَ شَيْءٍ رَأَيْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَاءَ رَجُلٌ وَهُوَ يَخْطُبُ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ بِهَيْئَةٍ بَذَّةٍ فَقَالَ: «أَصَلَّيْت؟» قَالَ: لاَ. قَالَ: «فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ»، ثُمَّ حَثَّ النَّاسَ عَلَى الصَّدَقَةِ فَأَلْقَوْا ثِيَابًا فَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ مِنْهَا ثَوْبَيْنِ فَلَمَّا كَانَتْ الْجُمُعَةُ الْأُخْرَى جَاءَ الرَّجُلُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَصَلَّيْت؟» قَالَ: لاَ. قَالَ: «فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ»، ثُمَّ حَثَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّدَقَةِ فَطَرَحَ الرَّجُلُ أَحَدَ ثَوْبَيْهِ فَصَاحَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «خُذْهُ»، فَأَخَذَهُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْظُرُوا إلَى هَذَا جَاءَ تِلْكَ الْجُمُعَةَ بِهَيْئَةٍ بَذَّةٍ فَأَمَرْت النَّاسَ بِالصَّدَقَةِ فَطَرَحُوا ثِيَابًا فَأَعْطَيْته مِنْهَا ثَوْبَيْنِ فَلَمَّا جَاءَتْ الْجُمُعَةُ وَأَمَرْت النَّاسَ بِالصَّدَقَةِ فَجَاءَ فَأَلْقَى أَحَدَ ثَوْبَيْهِ». قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَقُولُ وَنَأْمُرُ مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ وَالْمُؤَذِّنُ يُؤَذِّنُ وَلَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا وَنَأْمُرُهُ أَنْ يُخَفِّفَهُمَا فَإِنَّهُ رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِتَخْفِيفِهِمَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَسَوَاءٌ كَانَ فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى، أَوْ فِي الْآخِرَةِ فَإِذَا دَخَلَ وَالْإِمَامُ فِي آخِرِ الْكَلاَمِ وَلاَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ دُخُولِ الْإِمَامِ فِي الصَّلاَةِ فَلاَ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يُصَلِّيَهُمَا؛ لِأَنَّهُ أُمِرَ بِصَلاَتِهِمَا حَيْثُ يُمْكِنَانِهِ وَحَيْثُ يُمْكِنَانِهِ مُخَالِفٌ لِحَيْثُ لاَ يُمْكِنَانِهِ وَأَرَى لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِصَلاَتِهِمَا وَيَزِيدَ فِي كَلاَمِهِ بِقَدْرِ مَا يُكْمِلُهُمَا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ الْإِمَامُ كَرِهْت ذَلِكَ لَهُ وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ الدَّاخِلُ فِي حَالِ تَمَكُّنِهِ فِيهِ كَرِهْت ذَلِكَ لَهُ وَلاَ إعَادَةَ وَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ صَلَّاهُمَا وَقَدْ أُقِيمَتْ الصَّلاَةُ كَرِهْت ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: وَأَكْرَهُ تَخَطِّيَ رِقَابِ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ دُخُولِ الْإِمَامِ وَبَعْدَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَذَى لَهُمْ وَسُوءِ الْأَدَبِ وَبِذَلِكَ أُحِبُّ لِشَاهِدِ الْجُمُعَةِ التَّبْكِيرَ إلَيْهَا مَعَ الْفَضْلِ فِي التَّبْكِيرِ إلَيْهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ مُرْسَلاً أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلاً يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «آنَيْت وَآذَيْت». وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا أُحِبُّ أَنْ أَتْرُكَ الْجُمُعَةَ وَلِي كَذَا وَكَذَا وَلَأَنْ أُصَلِّيَهَا بِظَهْرِ الْحَرَّةِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ». وَإِنْ كَانَ دُونَ مَدْخَلِ رَجُلٍ زِحَامٌ وَأَمَامَهُ فُرْجَةٌ فَكَانَ تَخَطِّيهِ إلَى الْفُرْجَةِ بِوَاحِدٍ، أَوْ اثْنَيْنِ رَجَوْت أَنْ يَسَعَهُ التَّخَطِّي وَإِنْ كَثُرَ كَرِهْته لَهُ وَلَمْ أُحِبَّهُ إلَّا أَنَّهُ لاَ يَجِدُ السَّبِيلَ إلَى مُصَلًّى يُصَلِّي فِيهِ الْجُمُعَةَ إلَّا بِأَنْ يَتَخَطَّى فَيَسَعَهُ التَّخَطِّي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَإِنْ كَانَ إذَا وَقَفَ حَتَّى تُقَامَ الصَّلاَةُ تَقَدَّمَ مِنْ دُونِهِ حَتَّى يَصِلَ إلَى مَوْضِعٍ تَجُوزُ فِيهِ الصَّلاَةُ كَرِهْت لَهُ التَّخَطِّيَ وَإِنْ فَعَلَ مَا كَرِهْت لَهُ مِنْ التَّخَطِّي لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إعَادَةُ صَلاَةٍ وَإِنْ كَانَ الزِّحَامُ دُونَ الْإِمَامِ الَّذِي يُصَلِّي الْجُمُعَةَ لَمْ أَكْرَهْ لَهُ مِنْ التَّخَطِّي وَلاَ مِنْ أَنْ يُفَرِّجَ لَهُ النَّاسُ مَا أَكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَى أَنْ يَمْضِيَ إلَى الْخُطْبَةِ وَالصَّلاَةِ لَهُمْ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ إذَا نَعَسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ أَنْ يَتَحَوَّلَ مِنْهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأُحِبُّ لِلرَّجُلِ إذَا نَعَسَ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَوَجَدَ مَجْلِسًا غَيْرَهُ وَلاَ يَتَخَطَّى فِيهِ أَحَدًا أَنْ يَتَحَوَّلَ عَنْهُ لِيَحْدُثَ لَهُ الْقِيَامُ وَاعْتِسَافُ الْمَجْلِسِ مَا يَذْعَرُ عَنْهُ النَّوْمَ وَإِنْ ثَبَتَ وَتَحَفَّظَ مِنْ النُّعَاسِ بِوَجْهٍ يَرَاهُ يَنْفِي النُّعَاسَ عَنْهُ فَلاَ أَكْرَهُ ذَلِكَ لَهُ، وَلاَ أُحِبُّ إنْ رَأَى أَنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْ النُّعَاسِ إذَا تَحَفَّظَ أَنْ يَتَحَوَّلَ وَأَحْسِبُ مِنْ أَمَرَهُ بِالتَّحَوُّلِ إنَّمَا أَمَرَهُ حِينَ غَلَبَ عَلَيْهِ النُّعَاسُ فَظَنَّ أَنْ لَنْ يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ إلَّا بِإِحْدَاثِ تَحَوُّلٍ وَإِنْ ثَبَتَ فِي مَجْلِسِهِ نَاعِسًا كَرِهْت ذَلِكَ لَهُ وَلاَ إعَادَةَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَرْقُدْ زَائِلاً عَنْ حَدِّ الِاسْتِوَاءِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا خَطَبَ اسْتَنَدَ إلَى جِذْعِ نَخْلَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ فَلَمَّا صُنِعَ لَهُ الْمِنْبَرُ فَاسْتَوَى عَلَيْهِ اضْطَرَبَتْ تِلْكَ السَّارِيَةُ كَحَنِينِ النَّاقَةِ حَتَّى سَمِعَهَا أَهْلُ الْمَسْجِدِ حَتَّى نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعْتَنَقَهَا فَسَكَنَتْ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إلَى جِذْعٍ إذْ كَانَ الْمَسْجِدُ عَرِيشًا وَكَانَ يَخْطُبُ إلَى ذَلِكَ الْجِذْعِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لَك أَنْ نَجْعَلَ لَك مِنْبَرًا تَقُومُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَتَسْمَعَ النَّاسُ خُطْبَتَك؟ قَالَ: «نَعَمْ». فَصُنِعَ لَهُ ثَلاَثُ دَرَجَاتٍ فَهِيَ لِلْآتِي أَعْلَى الْمِنْبَرِ فَلَمَّا صُنِعَ الْمِنْبَرُ وَوُضِعَ مَوْضِعَهُ الَّذِي وَضَعَهُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُومَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَيَخْطُبَ عَلَيْهِ فَمَرَّ إلَيْهِ، فَلَمَّا جَاوَزَ ذَلِكَ الْجِذْعَ الَّذِي كَانَ يَخْطُبُ إلَيْهِ خَارَ حَتَّى انْصَدَعَ وَانْشَقَّ فَنَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا سَمِعَ صَوْتَ الْجِذْعِ فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْمِنْبَرِ} فَلَمَّا هُدِمَ الْمَسْجِدُ أَخَذَ ذَلِكَ الْجِذْعَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ فَكَانَ عِنْدَهُ فِي بَيْتِهِ حَتَّى بَلِيَ وَأَكَلَتْهُ الْأَرَضَةُ وَصَارَ رُفَاتًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَبِهَذَا قُلْنَا لاَ بَأْسَ أَنْ يَخْطُبَ الْإِمَامُ عَلَى شَيْءٍ مُرْتَفِعٍ مِنْ الْأَرْضِ وَغَيْرِهَا وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَنْزِلَ عَنْ الْمِنْبَرِ لِلْحَاجَةِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ، ثُمَّ يَعُودَ إلَى الْمِنْبَرِ وَإِنْ نَزَلَ عَنْ الْمِنْبَرِ بَعْد مَا تَكَلَّمَ اسْتَأْنَفَ الْخُطْبَةَ لاَ يُجْزِئُهُ غَيْرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ لاَ تُعَدُّ خُطْبَةً إذَا فَصَلَ بَيْنَهَا بِنُزُولٍ يَطُولُ، أَوْ بِشَيْءٍ يَكُونُ قَاطِعًا لَهَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِمًا} الْآيَةُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي خُطْبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَكَانَ لَهُمْ سُوقٌ يُقَالُ لَهَا الْبَطْحَاءُ، كَانَتْ بَنُو سُلَيْمٍ يَجْلِبُونَ إلَيْهَا الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ وَالْغَنَمَ وَالسَّمْنَ فَقَدِمُوا فَخَرَجَ إلَيْهِمْ النَّاسُ وَتَرَكُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ لَهُمْ لَهْوٌ إذَا تَزَوَّجَ أَحَدٌ مِنْ الْأَنْصَارِ ضَرَبُوا بِالْكَبَرِ فَعَيَّرَهُمْ اللَّهُ بِذَلِكَ فَقَالَ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً، أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِمًا}. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خُطْبَتَيْنِ قَائِمًا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ. أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَخْطُبُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خُطْبَتَيْنِ عَلَى الْمِنْبَرِ قِيَامًا يَفْصِلُونَ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ حَتَّى جَلَسَ مُعَاوِيَةُ فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى فَخَطَبَ جَالِسًا وَخَطَبَ فِي الثَّانِيَةِ قَائِمًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِذَا خَطَبَ الْإِمَامُ خُطْبَةً وَاحِدَةً وَصَلَّى الْجُمُعَةَ عَادَ فَخَطَبَ خُطْبَتَيْنِ وَصَلَّى الْجُمُعَةَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى ذَهَبَ الْوَقْتُ صَلَّاهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا وَلاَ يُجْزِئُهُ أَقَلُّ مِنْ خُطْبَتَيْنِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ فَإِنْ فَصَلَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَجْلِسْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ، وَلاَ يَجْزِيهِ أَنْ يَخْطُبَ جَالِسًا فَإِنْ خَطَبَ جَالِسًا مِنْ عِلَّةٍ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ وَأَجْزَأَ مَنْ خَلْفَهُ وَإِنْ خَطَبَ جَالِسًا وَهُمْ يَرَوْنَهُ صَحِيحًا فَذَكَرَ عِلَّةً فَهُوَ أَمِينٌ عَلَى نَفْسِهِ وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الصَّلاَةِ وَإِنْ خَطَبَ جَالِسًا وَهُمْ يَعْلَمُونَهُ صَحِيحًا لِلْقِيَامِ لَمْ تُجْزِئْهُ وَلاَ إيَّاهُمْ الْجُمُعَةُ وَإِنْ خَطَبَ جَالِسًا وَلاَ يَدْرُونَ أَصَحِيحٌ هُوَ، أَوْ مَرِيضٌ؟ فَكَانَ صَحِيحًا أَجْزَأَتْهُمْ صَلاَتُهُمْ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ عِنْدَهُمْ أَنْ لاَ يَخْطُبَ جَالِسًا إلَّا مَرِيضٌ وَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ الْإِعَادَةُ إذَا خَطَبَ جَالِسًا وَهُمْ يَعْلَمُونَهُ صَحِيحًا، فَإِنْ عَلِمَتْهُ طَائِفَةٌ صَحِيحًا وَجَهِلَتْ طَائِفَةٌ صِحَّتَهُ أَجْزَأَتْ الطَّائِفَةَ الَّتِي لَمْ تَعْلَمْ صِحَّتَهُ الصَّلاَةُ وَلَمْ تَجْزِ الطَّائِفَةَ الَّتِي عَلِمَتْ صِحَّتَهُ وَهَذَا هَكَذَا فِي الصَّلاَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا فِي الْخُطْبَةِ أَنَّهَا ظُهْرٌ إلَّا أَنْ يَفْعَلَ فِيهَا فَاعِلٌ عَلَى فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خُطْبَتَيْنِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ فَيَكُونُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا رَكْعَتَيْنِ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ فِعْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهِيَ عَلَى أَصْلِ فَرْضِهَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: بَلَغَنَا عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ أَنَّهُ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَتَيْنِ وَجَلَسَ جِلْسَتَيْنِ، وَحَكَى الَّذِي حَدَّثَنِي قَالَ: اسْتَوَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الدَّرَجَةِ الَّتِي تَلِي الْمُسْتَرَاحَ قَائِمًا ثُمَّ سَلَّمَ وَجَلَسَ عَلَى الْمُسْتَرَاحِ حَتَّى فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ مِنْ الْأَذَانِ، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ الْخُطْبَةَ الْأُولَى، ثُمَّ جَلَسَ ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ الْخُطْبَةَ الثَّانِيَةَ، وَأَتْبَعَ هَذَا الْكَلاَمَ الْحَدِيثَ فَلاَ أَدْرِي أَحَدَّثَهُ عَنْ سَلَمَةَ أَمْ شَيْءٌ فَسَّرَهُ هُوَ فِي الْحَدِيثِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأُحِبُّ أَنْ يَفْعَلَ الْإِمَامُ مَا وَصَفْت وَإِنْ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ قَبْلَ ظُهُورِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ ظَهَرَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَتَكَلَّمَ بِالْخُطْبَةِ الْأُولَى، ثُمَّ جَلَسَ، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ أُخْرَى أَجْزَأَهُ ذَلِكَ- إنْ شَاءَ اللَّهُ- لِأَنَّهُ قَدْ خَطَبَ خُطْبَتَيْنِ فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ. قال: وَيَعْتَمِدُ الَّذِي يَخْطُبُ عَلَى عَصًا، أَوْ قَوْسٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَهُمَا؛ لِأَنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَمِدُ عَلَى عَصًا. أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْت لِعَطَاءٍ: أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ عَلَى عَصًا إذَا خَطَبَ؟ قَالَ: نَعَمْ كَانَ يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا اعْتِمَادًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى عَصًا أَحْبَبْت أَنْ يُسْكِنَ جَسَدَهُ وَيَدَيْهِ إمَّا بِأَنْ يَضَعَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَإِمَّا أَنْ يُقِرَّهُمَا فِي مَوْضِعِهِمَا سَاكِنَتَيْنِ وَيُقِلَّ التَّلَفُّتَ وَيُقْبِلَ بِوَجْهِهِ قَصْدَ وَجْهِهِ وَلاَ أُحِبُّ أَنْ يَلْتَفِتَ يَمِينًا وَلاَ شِمَالاً لِيُسْمِعَ النَّاسَ خُطْبَتَهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لاَ يُسْمِعُ أَحَدَ الشِّقَّيْنِ إذَا قَصَدَ بِوَجْهِهِ تِلْقَاءَهُ فَهُوَ لاَ يَلْتَفِتُ نَاحِيَةً يَسْمَعُ أَهْلُهَا إلَّا خَفِيَ كَلاَمُهُ عَلَى النَّاحِيَةِ الَّتِي تُخَالِفُهَا مَعَ سُوءِ الْأَدَبِ مِنْ التَّلَفُّتِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأُحِبُّ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ حَتَّى يَسْمَعَ أَقْصَى مَنْ حَضَرَهُ إنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ وَأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ كَلاَمُهُ كَلاَمًا مُتَرَسِّلاً مُبَيِّنًا مُعْرَبًا بِغَيْرِ الْإِعْرَابِ الَّذِي يُشْبِهُ الْعِيَّ وَغَيْرِ التَّمْطِيطِ وَتَقْطِيعِ الْكَلاَمِ وَمَدِّهِ وَمَا يُسْتَنْكَرُ مِنْهُ وَلاَ الْعَجَلَةِ فِيهِ عَنْ الْإِفْهَامِ وَلاَ تَرْكِ الْإِفْصَاحِ بِالْقَصْدِ وَأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ كَلاَمُهُ قَصْدًا بَلِيغًا جَامِعًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا فَعَلَ مَا كَرِهْت لَهُ مِنْ إطَالَةِ الْخُطْبَةِ، أَوْ سُوءِ الْأَدَبِ فِيهَا، أَوْ فِي نَفْسِهِ فَأَتَى بِخُطْبَتَيْنِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إعَادَةٌ وَأَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ خُطْبَةٍ مِنْ الْخُطْبَتَيْنِ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَى وَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقْرَأَ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ فِي الْأُولَى، وَيَحْمَدَ اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ وَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُوصِيَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَيَدْعُوَ فِي الْآخِرَةِ؛ لِأَنَّ مَعْقُولاً أَنَّ الْخُطْبَةَ جَمْعُ بَعْضِ الْكَلاَمِ مِنْ وُجُوهٍ إلَى بَعْضٍ، هَذَا، أَوْجَزُ مَا يُجْمَعُ مِنْ الْكَلاَمِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنَّمَا أَمَرْت بِالْقِرَاءَةِ فِي الْخُطْبَةِ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فِي الْجُمُعَةِ إلَّا قَرَأَ فَكَانَ أَقَلَّ مَا يَجُوزُ يُقَالُ قَرَأَ آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ وَأَنْ يَقْرَأَ أَكْثَرَ مِنْهَا أَحَبُّ إلَيَّ وَإِنْ جَعَلَهَا خُطْبَةً وَاحِدَةً عَادَ فَخَطَبَ خُطْبَةً ثَانِيَةً مَكَانَهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَلَمْ يَخْطُبْ حَتَّى يَذْهَبَ الْوَقْتُ أَعَادَ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، فَإِنْ جَعَلَهَا خُطْبَتَيْنِ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ أَعَادَ خُطْبَتَهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ صَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَإِنْ تَرَكَ الْجُلُوسَ الْأَوَّلَ حِينَ يَظْهَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ كَرِهْته وَلاَ إعَادَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْخُطْبَتَيْنِ، وَلاَ فَصَلَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ عَمَلٌ قَبْلَهُمَا لاَ مِنْهُمَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إسَافٍ عَنْ أُمِّ هِشَامٍ بِنْتِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ أَنَّهَا سَمِعَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بـ {ق} وَهُوَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأَنَّهَا لَمْ تَحْفَظْهَا إلَّا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ مِنْ كَثْرَةِ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ أُمِّ هِشَامٍ بِنْتِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ مِثْلَهُ، قَالَ: إبْرَاهِيمُ: وَلاَ أَعْلَمُنِي إلَّا سَمِعْت أَبَا بَكْرِ بْنَ حَزْمٍ يَقْرَأُ بِهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ: إبْرَاهِيمُ: وَسَمِعَتْ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ يَقْرَأُ بِهَا وَهُوَ يَوْمئِذٍ قَاضِي الْمَدِينَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ حَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَقْرَأُ فِي خُطْبَتِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ {إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} حَتَّى يَبْلُغَ {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ} ثُمَّ يَقْطَعُ السُّورَةَ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَرَأَ بِذَلِكَ عَلَى الْمِنْبَرِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبَلَغَنَا أَنَّ عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ كَانَ يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فَلاَ تَتِمُّ الْخُطْبَتَانِ إلَّا بِأَنْ يَقْرَأَ فِي إحْدَاهُمَا آيَةً فَأَكْثَرَ وَاَلَّذِي أُحِبُّ أَنْ يَقْرَأَ بِـ {ق} فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى كَمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يُقَصِّرُ عَنْهَا وَمَا قَرَأَ أَجْزَأَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ قَرَأَ عَلَى الْمِنْبَرِ سَجْدَةً لَمْ يَنْزِلْ وَلَمْ يَسْجُدْ فَإِنْ فَعَلَ وَسَجَدَ رَجَوْت أَنْ لاَ يَكُونَ بِذَلِكَ بَأْسٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ يَقْطَعُ الْخُطْبَةَ كَمَا لاَ يَكُونُ قَطْعًا لِلصَّلاَةِ أَنْ يَسْجُدَ فِيهَا سُجُودَ الْقُرْآنِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا سَجَدَ أَخَذَ مِنْ حَيْثُ بَلَغَ مِنْ الْكَلاَمِ وَإِنْ اسْتَأْنَفَ الْكَلاَمَ فَحَسَنٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأُحِبُّ أَنْ يُقَدِّمَ الْكَلاَمَ، ثُمَّ يَقْرَأَ الْآيَةَ؛ لِأَنَّهُ بَلَغَنَا ذَلِكَ وَإِنْ قَدَّمَ الْقِرَاءَةَ ثُمَّ تَكَلَّمَ فَلاَ بَأْسَ وَأُحِبُّ أَنْ تَكُونَ قِرَاءَتُهُ مَا وَصَفْت فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى وَأَنْ يَقْرَأَ فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ آيَةً أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا، ثُمَّ يَقُولَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: بَلَغَنِي أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه كَانَ إذَا كَانَ فِي آخِرِ خُطْبَةٍ قَرَأَ آخِرَ النِّسَاءِ {يَسْتَفْتُونَك قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ} إلَى آخِرِ السُّورَةِ وَحَيْثُ قَرَأَ مِنْ الْخُطْبَةِ الْأُولَى وَالْآخِرَةِ فَبَدَأَ بِالْقِرَاءَةِ، أَوْ بِالْخُطْبَةِ، أَوْ جَعَلَ الْقِرَاءَةَ بَيْنَ ظُهْرَانِي الْخُطْبَةِ، أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا إذَا أَتَى بِقِرَاءَةٍ أَجْزَأَهُ- إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَحَدِيثُ جَابِرٍ وَأَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لِرَجُلٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: «أَصَلَّيْت؟» فَقَالَ: لاَ. فَقَالَ: «فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ». وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فَتَصَدَّقَ الرَّجُلُ بِأَحَدِ ثَوْبَيْهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اُنْظُرُوا إلَى هَذَا الَّذِي». قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَتَكَلَّمَ الرَّجُلُ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَكُلِّ خُطْبَةٍ فِيمَا يَعْنِيهِ وَيَعْنِي غَيْرَهُ بِكَلاَمِ النَّاسِ وَلاَ أُحِبُّ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِيمَا لاَ يَعْنِيه وَلاَ يَعْنِي النَّاسَ وَلاَ بِمَا يُقَبَّحُ مِنْ الْكَلاَمِ وَكُلُّ مَا أَجَزْت لَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، أَوْ كَرِهْته فَلاَ يُفْسِدُ خُطْبَتَهُ وَلاَ صَلاَتَهُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ يَوْمًا فَقَالَ: «إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَسْتَنْصِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ مَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ غَوَى حَتَّى يَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ». قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ يَوْمًا فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: «أَلاَ إنَّ الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ يَأْكُلُ مِنْهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، أَلاَ وَإِنَّ الْآخِرَةَ أَجَلٌ صَادِقٌ يَقْضِي فِيهَا مَلِكٌ قَادِرٌ، أَلاَ وَإِنَّ الْخَيْرَ كُلَّهُ بِحَذَافِيرِهِ فِي الْجَنَّةِ، أَلاَ وَإِنَّ الشَّرَّ كُلَّهُ بِحَذَافِيرِهِ فِي النَّارِ أَلاَ فَاعْمَلُوا وَأَنْتُمْ مِنْ اللَّهِ عَلَى حَذَرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مَعْرُوضُونَ عَلَى أَعْمَالِكُمْ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ».
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: خَطَبَ رَجُلٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اُسْكُتْ فَبِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ»، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ غَوَى، وَلاَ تَقُلْ وَمَنْ يَعْصِهِمَا». قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَبِهَذَا نَقُولُ فَيَجُوزُ أَنْ تَقُولَ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ غَوَى؛ لِأَنَّك أَفْرَدْت مَعْصِيَةَ اللَّهِ وَقُلْت وَرَسُولَهُ اسْتِئْنَافَ كَلاَمٍ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِي سِيَاقِ الْكَلاَمِ اسْتِئْنَافَ كَلاَمٍ. قال: وَمَنْ أَطَاعَ اللَّهَ فَقَدْ أَطَاعَ رَسُولَهُ وَمَنْ عَصَى اللَّهَ فَقَدْ عَصَى رَسُولَهُ وَمَنْ أَطَاعَ رَسُولَهُ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَى رَسُولَهُ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِهِ قَامَ فِي خَلْقِ اللَّهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَفَرَضَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ طَاعَتَهُ لِمَا وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ رُشْدِهِ وَمَنْ قَالَ: وَمَنْ يَعْصِهِمَا كَرِهْت ذَلِكَ الْقَوْلَ لَهُ حَتَّى يُفْرِدَ اسْمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ يَذْكُرَ بَعْدَهُ اسْمَ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَذْكُرُهُ إلَّا مُنْفَرِدًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْت، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمِثْلاَنِ؟! قُلْ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شِئْت». قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَابْتِدَاءُ الْمَشِيئَةِ مُخَالَفَةٌ لِلْمَعْصِيَةِ؛ لِأَنَّ طَاعَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعْصِيَتَهُ تَبَعٌ لِطَاعَةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَمَعْصِيَتِهِ؛ لِأَنَّ الطَّاعَةَ وَالْمَعْصِيَةَ مَنْصُوصَتَانِ بِفَرْضِ الطَّاعَةِ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأَمَرَ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَازَ أَنْ يُقَالَ فِيهِ مَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لِمَا وَصَفْت، وَالْمَشِيئَةُ إرَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا تَشَاءُونَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} فَأَعْلَمَ خَلْقَهُ أَنَّ الْمَشِيئَةَ لَهُ دُونَ خَلْقِهِ وَأَنَّ مَشِيئَتَهُمْ لاَ تَكُونُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَيُقَالُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ شِئْت، وَيُقَالُ مَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ عَلَى مَا وَصَفْت مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تَعَبَّدَ الْخَلْقَ بِأَنْ فَرَضَ طَاعَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا أُطِيعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ أُطِيعَ اللَّهُ بِطَاعَةِ رَسُولِهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأُحِبُّ أَنْ يُخْلِصَ الْإِمَامُ ابْتِدَاءَ الْخُطْبَةِ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالصَّلاَةِ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْعِظَةِ وَالْقِرَاءَةِ وَلاَ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْت لِعَطَاءٍ مَا الَّذِي أَرَى النَّاسَ يَدْعُونَ بِهِ فِي الْخُطْبَةِ يَوْمئِذٍ أَبَلَغَك عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عَمَّنْ بَعْدَ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام؟ قَالَ لاَ إنَّمَا أُحْدِثَ إنَّمَا كَانَتْ الْخُطْبَةُ تَذْكِيرًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ دَعَا لِأَحَدٍ بِعَيْنِهِ، أَوْ عَلَى أَحَدٍ كَرِهْته وَلَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ إعَادَةٌ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إذَا قُلْت لِصَاحِبِك أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْت». قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إذَا قُلْت لِصَاحِبِك أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَدْ لَغَوْت». قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَعْنَاهُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: لَغَيْتَ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ لَغَيْتَ لُغَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ قَلَّمَا يَدَعُ ذَلِكَ إذَا خَطَبَ إذَا قَامَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا فَإِنَّ لِلْمُنْصِتِ الَّذِي لاَ يَسْمَعُ مِنْ الْحَظِّ مِثْلَ مَا لِلسَّامِعِ الْمُنْصِتِ فَإِذَا قَامَتْ الصَّلاَةُ فَاعْدِلُوا الصُّفُوفَ وَحَاذُوا بِالْمَنَاكِبِ فَإِنَّ اعْتِدَالَ الصُّفُوفِ مِنْ تَمَامِ الصَّلاَةِ، ثُمَّ لاَ يُكَبِّرُ عُثْمَانُ حَتَّى يَأْتِيَهُ رِجَالٌ قَدْ وَكَّلَهُمْ بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ فَيُخْبِرُوهُ أَنْ قَدْ اسْتَوَتْ فَيُكَبِّرُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأُحِبُّ لِكُلِّ مَنْ حَضَرَ الْخُطْبَةَ أَنْ يَسْتَمِعَ لَهَا وَيُنْصِتَ وَلاَ يَتَكَلَّمَ مِنْ حِينِ يَتَكَلَّمُ الْإِمَامُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ الْخُطْبَتَيْنِ مَعًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَالْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْمُؤَذِّنُونَ يُؤَذِّنُونَ وَبَعْدَ قَطْعِهِمْ قَبْلَ كَلاَمِ الْإِمَامِ فَإِذَا ابْتَدَأَ فِي الْكَلاَمِ لَمْ أُحِبَّ أَنْ يَتَكَلَّمَ حَتَّى يَقْطَعَ الْإِمَامُ الْخُطْبَةَ الْآخِرَةَ فَإِنْ قَطَعَ الْآخِرَةَ فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَتَكَلَّمَ حَتَّى يُكَبِّرَ الْإِمَامُ، وَأَحْسَنُ فِي الْأَدَبِ أَنْ لاَ يَتَكَلَّمَ مِنْ حِينِ يَبْتَدِئُ الْإِمَامُ الْكَلاَمَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ الصَّلاَةِ وَإِنْ تَكَلَّمَ رَجُلٌ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ لَمْ أُحِبَّ ذَلِكَ لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إعَادَةُ الصَّلاَةِ أَلاَ تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَّمَ الَّذِينَ قَتَلُوا ابْنَ أَبِي الْحَقِيقِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَكَلَّمُوهُ وَتَدَاعَوْا قَتْلَهُ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَّمَ الَّذِي لَمْ يَرْكَعْ وَكَلَّمَهُ وَأَنْ لَوْ كَانَتْ الْخُطْبَةُ فِي حَالِ الصَّلاَةِ لَمْ يَتَكَلَّمْ مِنْ حِينِ يَخْطُبُ، وَكَانَ الْإِمَامُ أَوْلاَهُمْ بِتَرْكِ الْكَلاَمِ الَّذِي إنَّمَا يَتْرُكُ النَّاسُ الْكَلاَمَ حَتَّى يَسْمَعُوا كَلاَمَهُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ قِيلَ: فَمَا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ لَغَوْت؟ قِيلَ- وَاَللَّهُ أَعْلَمُ-: فَأَمَّا مَا يَدُلُّ عَلَى مَا وَصَفْت مِنْ كَلاَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَلاَمِ مَنْ كَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَلاَمِهِ فَيَدُلُّ عَلَى مَا وَصَفْت، وَأَنَّ الْإِنْصَاتَ لِلْإِمَامِ اخْتِيَارٌ، وَأَنَّ قَوْلَهُ لَغَوْت تَكَلَّمَ بِهِ فِي مَوْضِعٍ الْأَدَبُ فِيهِ أَنْ لاَ يَتَكَلَّمَ وَالْأَدَبُ فِي مَوْضِعِ الْكَلاَمِ أَنْ لاَ يَتَكَلَّمَ إلَّا بِمَا يَعْنِيه. وَتَخَطِّي رِقَابِ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي مَعْنَى الْكَلاَمِ فِيمَا لاَ يَعْنِي الرَّجُلَ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ سَلَّمَ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَرِهْت ذَلِكَ لَهُ وَرَأَيْت أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ رَدَّ السَّلاَمِ فَرْضٌ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ قَالَ: لاَ بَأْسَ أَنْ يُسَلِّمَ وَيُرَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَرُدُّ إيمَاءً وَلاَ يَتَكَلَّمُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ عَطَسَ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَشَمَّتَهُ رَجُلٌ رَجَوْت أَنْ يَسَعَهُ؛ لِأَنَّ التَّشْمِيتَ سُنَّةٌ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إذَا عَطَسَ الرَّجُلُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَشَمِّتْهُ». قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَذَلِكَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَهُ رَجُلٌ فَأَوْمَأَ إلَيْهِ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَكَذَلِكَ لَوْ خَافَ عَلَى أَحَدٍ، أَوْ جَمَاعَةٍ لَمْ أَرَ بَأْسًا إذَا لَمْ يَفْهَمْ عَنْهُمْ بِالْإِيمَاءِ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلاَ بَأْسَ إنْ خَافَ شَيْئًا أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ وَيُجِيبَهُ بَعْضُ مَنْ عَرَفَ إنْ سَأَلَ عَنْهُ وَكُلُّ مَا كَانَ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَلاَ بَأْسَ بِذَلِكَ لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ مَا كَانَ مِمَّا لاَ يَلْزَمُ الْمَرْءَ لِأَخِيهِ وَلاَ يَعْنِيه فِي نَفْسِهِ فَلاَ أُحِبُّ الْكَلاَمَ بِهِ، وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهُ أَنْصِتْ، أَوْ يَشْكُو إلَيْهِ مُصِيبَةً نَزَلَتْ، أَوْ يُحَدِّثُهُ عَنْ سُرُورٍ حَدَثَ لَهُ، أَوْ غَائِبٍ قَدِمَ، أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا؛ لِأَنَّهُ لاَ فَوْتَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي عِلْمِ هَذَا وَلاَ ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِ إعْلاَمِهِ إيَّاهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ عَطِشَ الرَّجُلُ فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَشْرَبَ وَالْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَإِنْ لَمْ يَعْطَشْ فَكَانَ يَتَلَذَّذُ بِالشَّرَابِ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ أَنْ يَكُفَّ عَنْهُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَسْمَعْ الْخُطْبَةَ أَحْبَبْت لَهُ مِنْ الْإِنْصَاتِ مَا أَحْبَبْته لِلْمُسْتَمِعِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا كَانَ لاَ يَسْمَعُ مِنْ الْخُطْبَةِ شَيْئًا فَلاَ أَكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَ فِي نَفْسِهِ وَيَذْكُرَ اللَّهَ تَبَارَكَ اسْمُهُ وَلاَ يُكَلِّمَ الْآدَمِيِّينَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرَى بَأْسًا أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ فِي نَفْسِهِ بِتَكْبِيرٍ وَتَهْلِيلٍ وَتَسْبِيحٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ قَالَ: لاَ أَعْلَمُهُ إلَّا أَنَّ مَنْصُورَ بْنَ الْمُعْتَمِرِ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ سَأَلَ إبْرَاهِيمَ أَيَقْرَأُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ لاَ يَسْمَعُ الْخُطْبَةَ؟ فَقَالَ عَسَى أَنْ لاَ يَضُرَّهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ فَعَلَ هَذَا مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ الْإِمَامِ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ إعَادَةٌ وَلَوْ أَنْصَتَ لِلِاسْتِمَاعِ كَانَ حَسَنًا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحْ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ اُنْشُزُوا فَانْشُزُوا}. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يُقِيمَنَّ أَحَدُكُمْ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَخْلُفُهُ فِيهِ وَلَكِنْ تَفَسَّحُوا وَتَوَسَّعُوا». قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَكْرَهُ لِلرَّجُلِ مَنْ كَانَ إمَامًا، أَوْ غَيْرَ إمَامٍ أَنْ يُقِيمَ رَجُلاً مِنْ مَجْلِسِهِ، ثُمَّ يَجْلِسَ فِيهِ وَلَكِنْ نَأْمُرُهُمْ أَنْ يَتَفَسَّحُوا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُقَامَ الرَّجُلُ إلَّا أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ حَيْثُ يَتَيَسَّرُ لَهُ إمَّا فِي مَوْضِعِ مُصَلَّى الْإِمَامِ وَإِمَّا فِي طَرِيقِ عَامَّةٍ فَأَمَّا أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْمُصَلِّينَ بِوَجْهِهِ فِي ضِيقِ الْمَسْجِدِ وَكَثْرَةٍ مِنْ الْمُصَلِّينَ وَلاَ يُحَوِّلُ بِوَجْهِهِ عَنْ اسْتِقْبَالِ الْمُصَلِّينَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ وَلاَ ضِيقَ عَلَى الْمُصَلِّينَ فِيهِ فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَسْتَقْبِلَهُمْ بِوَجْهِهِ وَيَتَنَحَّوْنَ عَنْهُ، وَأَحْسَنُ فِي الْأَدَبِ أَنْ لاَ يَفْعَلَ وَمَنْ فَعَلَ مِنْ هَذَا مَا كَرِهْت لَهُ فَلاَ إعَادَةَ عَلَيْهِ لِلصَّلاَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ فَمَنْ عَرَضَ لَهُ مَا يُخْرِجُهُ، ثُمَّ عَادَ إلَى مَجْلِسِهِ أَحْبَبْت لِمَنْ جَلَسَ فِيهِ أَنْ يَتَنَحَّى عَنْهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُقِيمَ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهِ وَيَجْلِسَ فِيهِ وَلاَ أَرَى بَأْسًا إنْ كَانَ رَجُلٌ إنَّمَا جَلَسَ لِرَجُلٍ لِيَأْخُذَ لَهُ مَجْلِسًا أَنْ يَتَنَحَّى عَنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَطَوُّعٌ مِنْ الْمُجَالِسِ وَكَذَلِكَ إنْ جَلَسَ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى عَنْهُ بِطِيبٍ مِنْ نَفْسِهِ وَأَكْرَهُ ذَلِكَ لِلْجَالِسِ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَتَنَحَّى إلَى مَوْضِعٍ شَبِيهٍ بِهِ فِي أَنْ يَسْمَعَ الْكَلاَمَ وَلاَ أَكْرَهُهُ لِلْجَالِسِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ بِطِيبِ نَفْسِ الْجَالِسِ الْأَوَّلِ وَمَنْ فَعَلَ مِنْ هَذَا مَا كَرِهْت لَهُ فَلاَ إعَادَةَ لِلْجُمُعَةِ عَلَيْهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ». قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أُبَيٌّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ يَعْمِدُ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ فَيُقِيمُهُ مِنْ مَجْلِسِهِ، ثُمَّ يَقْعُدُ فِيهِ». أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ يُقِيمَنَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَكِنْ لِيَقُلْ أَفْسِحُوا».
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: أَخْبَرَنِي مَنْ لاَ أَتَّهِمُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَحْتَبِي وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْجُلُوسُ وَالْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَالْجُلُوسِ فِي جَمِيعِ الْحَالاَتِ إلَّا أَنْ يُضَيِّقَ الرَّجُلُ عَلَى مَنْ قَارَبَهُ فَأَكْرَهُ ذَلِكَ وَذَلِكَ أَنْ يَتَّكِئَ فَيَأْخُذَ أَكْثَرَ مِمَّا يَأْخُذُ الْجَالِسُ، وَيَمُدَّ رِجْلَيْهِ أَوْ يُلْقِيَ يَدَيْهِ خَلْفَهُ فَأَكْرَهُ هَذَا لِأَنَّهُ يُضَيِّقُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِرِجْلِهِ عِلَّةٌ فَلاَ أَكْرَهُ لَهُ مِنْ هَذَا شَيْئًا، وَأُحِبُّ لَهُ إذَا كَانَتْ بِهِ عِلَّةٌ أَنْ يَتَنَحَّى إلَى مَوْضِعٍ لاَ يَزْدَحِمُ النَّاسُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلَ مِنْ هَذَا مَا فِيهِ الرَّاحَةُ لِبَدَنِهِ بِلاَ ضِيقٍ عَلَى غَيْرِهِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي لَبِيدٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ فِي رَكْعَتَيْ الْجُمُعَةِ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ، وَالْمُنَافِقِينَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَرَأَ فِي الْجُمُعَةِ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ، وَإِذَا جَاءَك الْمُنَافِقُونَ فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَقُلْت لَهُ: قَرَأْت بِسُورَتَيْنِ كَانَ عَلِيٌّ رضي الله تعالى عنه يَقْرَأُ بِهِمَا فِي الْجُمُعَةِ فَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ بِهِمَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ {سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} وَ{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أُحِبُّ أَنْ يُقْرَأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْجُمُعَةِ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ وَإِذَا جَاءَك الْمُنَافِقُونَ. لِثُبُوتِ قِرَاءَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِمَا، وَتَوَالِيهِمَا فِي التَّأْلِيفِ، وَإِذْ كَانَ مَنْ يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ بِفَرْضِ الْجُمُعَةِ، وَمَا نَزَلَ فِي الْمُنَافِقِينَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَا قَرَأَ بِهِ الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَغَيْرِهَا مِنْ أُمِّ الْقُرْآنِ، وَآيَةٍ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ أَجْزَأَهُ، وَلَمْ أُحِبَّ ذَلِكَ لَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَحِكَايَةُ مَنْ حَكَى السُّورَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَرَأَ بِهِمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجُمُعَةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ، وَأَنَّهُ صَلَّى الْجُمُعَةَ رَكْعَتَيْنِ، وَذَلِكَ مَا لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عَلِمْتُهُ فَيَجْهَرُ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْجُمُعَةِ، وَيُصَلِّيهَا رَكْعَتَيْنِ إذَا كَانَتْ جُمُعَةً فَإِنْ صَلَّاهَا ظُهْرًا خَافَتَ بِالْقِرَاءَةِ وَصَلَّى أَرْبَعًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ خَافَتْ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْجُمُعَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا يُجْهَرُ فِيهِ بِالْقِرَاءَةِ أَوْ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِيمَا يُخَافَتُ فِيهِ بِالْقِرَاءَةِ مِنْ الصَّلاَةِ كَرِهْت ذَلِكَ لَهُ، وَلاَ إعَادَةَ، وَلاَ سُجُودَ لِلسَّهْوِ عَلَيْهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ بَدَأَ الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْمُنَافِقِينَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى قَبْلَ أُمِّ الْقُرْآنِ عَادَ فَقَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ أَجْزَأَهُ أَنْ يَرْكَعَ بِهَا، وَلاَ يُعِيدُ سُورَةَ الْمُنَافِقِينَ، وَلَوْ قَرَأَ مَعَهَا بِشَيْءٍ مِنْ الْجُمُعَةِ كَانَ أَحَبُّ إلَيَّ، وَيَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: حَكَى عَدَدٌ صَلاَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُمُعَةَ فَمَا عَلِمْت أَحَدًا مِنْهُمْ حَكَى أَنَّهُ قَنَتَ فِيهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ دَخَلَتْ فِي جُمْلَةِ قُنُوتِهِ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهِنَّ حِينَ قَنَتَ عَلَى قَتَلَةِ أَهْلِ بِئْرِ مَعُونَةَ، وَلاَ قُنُوتَ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ إلَّا الصُّبْحَ إلَّا أَنْ تَنْزِلَ نَازِلَةٌ فَيُقْنَتَ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهِنَّ إنْ شَاءَ الْإِمَامُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الصَّلاَةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاَةَ». قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَكَانَ أَقَلُّ مَا فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاَةَ». إنْ لَمْ تَفُتْهُ الصَّلاَةُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَنْ لَمْ تَفُتْهُ الصَّلاَةُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ بَنَى عَلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى، وَأَجْزَأَتْهُ الْجُمُعَةُ، وَإِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ أَنْ يُدْرِكَ الرَّجُلُ قَبْلَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ الرَّكْعَةِ فَيَرْكَعَ مَعَهُ، وَيَسْجُدَ فَإِنْ أَدْرَكَهُ، وَهُوَ رَاكِعٌ فَكَبَّرَ ثُمَّ لَمْ يَرْكَعْ مَعَهُ حَتَّى يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ، وَيَسْجُدَ مَعَهُ لَمْ يَعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ، وَصَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ رَكَعَ، وَشَكَّ فِي أَنْ يَكُونَ تَمَكَّنَ رَاكِعًا قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ لَمْ يَعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَصَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا إذَا لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً غَيْرَهَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ رَكَعَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ شَكَّ فِي أَنْ يَكُونَ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ سَجْدَةً سَجَدَ سَجْدَةً، وَصَلَّى ثَلاَثَ رَكَعَاتٍ حَتَّى يُكْمِلَ الظُّهْرَ أَرْبَعًا لِأَنَّهُ لاَ يَكُونُ مُدْرِكًا لِرَكْعَةٍ بِكَمَالِهَا إلَّا بِأَنْ يَسْجُدَ سَجْدَتَيْنِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً ثُمَّ أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى ثُمَّ شَكَّ فِي سَجْدَةٍ لاَ يَدْرِي أَهِيَ مِنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي كَانَتْ مَعَ الْإِمَامِ أَمْ الرَّكْعَةِ الَّتِي صَلَّى لِنَفْسِهِ كَانَ مُصَلِّيًا رَكْعَةً، وَقَاضِيًا ثَلاَثًا، وَلاَ يَكُونُ لَهُ جُمُعَةٌ حَتَّى يَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْنِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَأْمُومِينَ أَنْ يَرْكَعُوا إذَا رَكَعَ الْإِمَامُ، وَيَتْبَعُوهُ فِي عَمَلِ الصَّلاَةِ فَلَمْ يَكُنْ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَتْرُكَ اتِّبَاعَ الْإِمَامِ فِي عَمَلِ الصَّلاَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاَةَ الْخَوْفِ بِعُسْفَانَ فَرَكَعَ، وَرَكَعُوا، وَسَجَدَ فَسَجَدَتْ طَائِفَةٌ، وَحَرَسَتْهُ أُخْرَى حَتَّى قَامَ مِنْ سُجُودِهِ ثُمَّ تَبِعَتْهُ بِالسُّجُودِ مَكَانَهَا حِينَ قَامَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَكَانَ بَيِّنًا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فِي سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَلَى الْمَأْمُومِ اتِّبَاعَ الْإِمَامِ مَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَأْمُومِ عُذْرٌ يَمْنَعُهُ اتِّبَاعَهُ، وَأَنَّ لَهُ إذَا كَانَ لَهُ عُذْرٌ أَنْ يَتْبَعَهُ فِي وَقْتِ ذَهَابِ الْعُذْرِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلاً مَأْمُومًا فِي الْجُمُعَةِ رَكَعَ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ زُحِمَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى السُّجُودِ بِحَالٍ حَتَّى قَضَى الْإِمَامُ سُجُودَهُ تَبِعَ الْإِمَامَ إذَا قَامَ الْإِمَامُ فَأَمْكَنَهُ أَنْ يَسْجُدَ سَجَدَ وَكَانَ مُدْرِكًا لِلْجُمُعَةِ إذَا صَلَّى الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِ، وَهَكَذَا لَوْ حَبَسَهُ حَابِسٌ مِنْ مَرَضٍ لَمْ يَقْدِرْ مَعَهُ عَلَى السُّجُودِ أَوْ سَهْوٍ أَوْ نِسْيَانٍ أَوْ عُذْرٍ مَا كَانَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ كَانَ إدْرَاكُهُ الرَّكْعَةَ الْآخِرَةَ، وَسَلَّمَ الْإِمَامُ قَبْلُ يُمْكِنُهُ السُّجُودُ سَجَدَ وَصَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً بِكَمَالِهَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ أَدْرَكَ الْأُولَى، وَلَمْ يُمْكِنْهُ السُّجُودُ حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ لِلرَّكْعَةِ الْأُولَى إلَّا أَنْ يَخْرُجَ مِنْ إمَامَةِ الْإِمَامِ فَإِنْ سَجَدَ خَرَجَ مِنْ إمَامَةِ الْإِمَامِ لِأَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا سَجَدُوا لِلرَّكْعَةِ الَّتِي وَقَفُوا عَنْ السُّجُودِ لَهَا بِالْعُذْرِ بِالْحِرَاسَةِ قَبْلَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيَتْبَعُ الْإِمَامَ فَيَرْكَعُ مَعَهُ، وَيَسْجُدُ، وَيَكُونُ مُدْرِكًا مَعَهُ الرَّكْعَةَ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ وَاحِدَةٌ، وَيُضِيفُ إلَيْهَا أُخْرَى وَلَوْ رَكَعَ مَعَهُ، وَلَمْ يَسْجُدْ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، وَكَانَ مُصَلِّيًا رَكْعَةً، وَيَبْنِي عَلَيْهَا ثَلاَثًا لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ مَعَ الْإِمَامِ بِرَكْعَةٍ بِكَمَالِهَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى ظَهْرِ رَجُلٍ فَتَرَكَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ خَرَجَ مِنْ صَلاَةِ الْإِمَامِ فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ أَجْزَأَتْهُ ظُهْرًا، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، وَصَلَّى مَعَ الْإِمَامِ أَعَادَ الظُّهْرَ، وَلاَ يَكُونُ لَهُ أَنْ يُمْكِنَهُ مَعَ الْإِمَامِ رُكُوعٌ وَلاَ سُجُودٌ فَيَدَعَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَلاَ سَهْوٍ إلَّا خَرَجَ مِنْ صَلاَةِ الْإِمَامِ، وَلَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ خَلْفَ الْإِمَامِ يُمْكِنُهُ الرُّكُوعُ، وَالسُّجُودُ، وَلاَ عُذْرَ لَهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ غَيْرَ خَارِجٍ مِنْ صَلاَةِ الْإِمَامِ جَازَ أَنْ يَدَعَ ذَلِكَ ثَلاَثَ رَكَعَاتٍ، وَيَرْكَعَ فِي الرَّابِعَةِ فَيَكُونَ كَمُبْتَدِئِ الصَّلاَةِ حِينَ رَكَعَ، وَسَجَدَ مَعَهُ، وَيَدَعُ ذَلِكَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ يَرْكَعُ، وَيَسْجُدُ فَيَتْبَعُ الْإِمَامَ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي قَبْلَ سُجُودِهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ سَهَا عَنْ رَكْعَةٍ اتَّبَعَ الْإِمَامَ مَا لَمْ يَخْرُجْ الْإِمَامُ مِنْ صَلاَتِهِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَوْ يَرْكَعُ الْإِمَامُ ثَانِيَةً فَإِذَا رَكَعَ ثَانِيَةً رَكَعَهَا مَعَهُ، وَقَضَى الَّتِي سَهَا عَنْهَا، وَلَوْ خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ صَلاَتِهِ، وَسَهَا عَنْ ثَلاَثِ رَكَعَاتٍ، وَقَدْ جَهَرَ الْإِمَامُ فِي رَكْعَتَيْنِ رَكَعَ وَسَجَدَ بِلاَ قِرَاءَةٍ، وَاجْتَزَأَ بِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ فِي رَكْعَةٍ فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ: لاَ يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ الْإِمَامُ ثُمَّ قَرَأَ لِنَفْسِهِ فِيمَا بَقِيَ وَلَمْ يَجْزِهِ غَيْرُ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ فِيمَا يُخَافِتُ فِيهِ الْإِمَامُ فَإِنْ كَانَ قَرَأَ اعْتَدَّ بِقِرَاءَتِهِ فِي رَكْعَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرَأَ لَمْ يَعْتَدَّ بِهَا، وَيَقْرَأُ فِيمَا بَقِيَ بِكُلِّ حَالٍ لاَ يُجْزِئْهُ غَيْرُ ذَلِكَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ سَهَا عَنْ رَكْعَةٍ اتَّبَعَ الْإِمَامَ مَا لَمْ يَخْرُجْ الْإِمَامُ مِنْ صَلاَتِهِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَوْ يَرْكَعُ الْإِمَامُ ثَانِيَةً فَإِذَا رَكَعَ ثَانِيَةً رَكَعَهَا مَعَهُ، وَقَضَى الَّتِي سَهَا عَنْهَا، وَلَوْ خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ صَلاَتِهِ، وَسَهَا عَنْ ثَلاَثِ رَكَعَاتٍ، وَقَدْ جَهَرَ الْإِمَامُ فِي رَكْعَتَيْنِ رَكَعَ وَسَجَدَ بِلاَ قِرَاءَةٍ، وَاجْتَزَأَ بِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ فِي رَكْعَةٍ فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ: لاَ يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ الْإِمَامُ ثُمَّ قَرَأَ لِنَفْسِهِ فِيمَا بَقِيَ وَلَمْ يَجْزِهِ غَيْرُ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ فِيمَا يُخَافِتُ فِيهِ الْإِمَامُ فَإِنْ كَانَ قَرَأَ اعْتَدَّ بِقِرَاءَتِهِ فِي رَكْعَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرَأَ لَمْ يَعْتَدَّ بِهَا، وَيَقْرَأُ فِيمَا بَقِيَ بِكُلِّ حَالٍ لاَ يُجْزِئْهُ غَيْرُ ذَلِكَ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: وَإِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ فِي صَلاَةِ الْإِمَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَضَرَ الْخُطْبَةَ أَوْ لَمْ يَحْضُرْهَا فَسَوَاءٌ فَإِنْ رَعَفَ الرَّجُلُ الدَّاخِلُ فِي صَلاَةِ الْإِمَامِ بَعْدَ مَا يُكَبِّرُ مَعَ الْإِمَامِ فَخَرَجَ يَسْتَرْعِفُ فَأَحَبُّ الْأَقَاوِيلِ إلَيَّ فِيهِ أَنَّهُ قَاطِعٌ لِلصَّلاَةِ، وَيَسْتَرْعِفُ، وَيَتَكَلَّمُ فَإِنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى، وَإِلَّا صَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَهَذَا قَوْلُ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَهَكَذَا إنْ كَانَ بِجَسَدِهِ أَوْ ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ فَخَرَجَ فَغَسَلَهَا، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي حَالٍ لاَ تَحِلُّ فِيهَا الصَّلاَةُ مَا كَانَ بِهَا ثُمَّ يَبْنِي عَلَى صَلاَتِهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ رَجَعَ وَبَنَى عَلَى صَلاَتِهِ رَأَيْت أَنْ يُعِيدَ، وَإِنْ اسْتَأْنَفَ صَلاَتَهُ بِتَكْبِيرَةِ افْتِتَاحٍ كَانَ حِينَئِذٍ دَاخِلاً فِي الصَّلاَةِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: أَصْلُ مَا نَذْهَبُ إلَيْهِ أَنَّ صَلاَةَ الْإِمَامِ إذَا فَسَدَتْ لَمْ تَفْسُدْ صَلاَةُ مَنْ خَلْفَهُ فَإِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ رَعَفَ أَوْ أَحْدَثَ فَقَدَّمَ رَجُلاً أَوْ تَقَدَّمَ الرَّجُلُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ بِأَمْرِ النَّاسِ أَوْ غَيْرِ أَمْرِهِمْ، وَقَدْ كَانَ الْمُتَقَدِّمُ دَخَلَ فِي صَلاَةِ الْإِمَامِ الْمُحْدِثِ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ كَانَ الْإِمَامُ الْمُقَدَّمُ الْآخَرُ يَقُومُ مَقَامَ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ، وَكَانَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، وَتَكُونَ لَهُ وَلَهُمْ الْجُمُعَةُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ دَخَلَ الْمُتَقَدِّمُ مَعَ الْإِمَامِ فِي أَوَّلِ صَلاَتِهِ أَوْ بَعْدَ مَا صَلَّى رَكْعَةً فَرَعَفَ الْإِمَامُ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ السُّجُودِ فَانْصَرَفَ، وَلَمْ يُقَدِّمُوا أَحَدًا فَصَلَّوْا وُحْدَانًا فَمَنْ أَدْرَكَ مِنْهُمْ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْنِ أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى وَكَانَتْ لَهُ جُمُعَةٌ، وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْنِ كَامِلَتَيْنِ صَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ رَعَفَ فَخَرَجَ، وَلَمْ يَرْكَعْ رَكْعَةً، وَقَدَّمَ رَجُلاً لَمْ يُدْرِكْ التَّكْبِيرَةَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ أَعَادُوا الظُّهْرَ أَرْبَعًا لِأَنَّهُ مِمَّنْ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ فِي الصَّلاَةِ حَتَّى خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ الْإِمَامَةِ، وَهَذَا مُبْتَدِئٌ ظُهْرًا أَرْبَعًا لاَ يَجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ وَلَوْ صَلَّى الْإِمَامُ بِهِمْ جُنُبًا أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءِ الْجُمُعَةِ أَجْزَأَتْهُمْ، وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ ظُهْرًا أَرْبَعًا لِنَفْسِهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ أَعَادَ الْخُطْبَةَ ثُمَّ صَلَّى بِطَائِفَةٍ الْجُمُعَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ فَيُصَلِّيَ ظُهْرًا أَرْبَعًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ فَعَلَ فَذَكَرَ وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ أَنَّ عَلَيْهِ الظُّهْرَ فَوَصَلَهَا ظُهْرًا فَقَدْ دَخَلَهَا بِغَيْرِ نِيَّةِ صَلاَةِ أَرْبَعٍ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَبْتَدِئَ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَقَدْ يُخَالِفُ الْمُسَافِرُ يَفْتَتِحُ يَنْوِي الْقَصْرَ ثُمَّ يُتِمُّ لِأَنَّهُ كَانَ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَقْصُرَ، وَيُتِمَّ، وَالْمُسَافِرُ نَوَى الظُّهْرَ بِعَيْنِهَا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي نِيَّةِ فَرْضِ الصَّلاَةِ وَالْمُصَلِّي الْجُمُعَةَ لَمْ يَنْوِ الظُّهْرَ بِحَالٍ إنَّمَا نَوَى الْجُمُعَةَ الَّتِي فَرْضُهَا رَكْعَتَانِ إذَا كَانَتْ جُمُعَةً، وَاَلَّذِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا جُمُعَةً أَرْبَعًا فَإِنْ أَتَمَّهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا رَجَوْت أَنْ لاَ يُضَيَّقَ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَمَا أُحِبُّ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِحَالٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لِي إيجَابُ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ يَنْوِي الْجُمُعَةَ، وَلاَ يُكْمِلُ لَهُ رَكْعَةً فَتَجْرِي عَلَيْهِ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى صَلاَتِهِ مَعَ الْإِمَامِ ظُهْرًا، وَإِنْ كَانَ هَذَا قَدْ يُخَالِفُهُ فِي أَنَّهُ مَأْمُومٌ تَبِعَ الْإِمَامَ لَمْ يُؤْتَ مِنْ نَفْسِهِ، وَالْأَوَّلُ إمَامٌ عَمَدَ فِعْلَ نَفْسِهِ، وَلَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ الَّذِي خَطَبَ بَعْدَ مَا كَبَّرَ فَقَدَّمَ رَجُلاً كَبَّرَ مَعَهُ، وَلَمْ يُدْرِكْ الْخُطْبَةَ فَصَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ أَحْدَثَ فَقَدَّمَ رَجُلاً أَدْرَكَ مَعَهُ الرَّكْعَةَ صَلَّى رَكْعَةً ثَانِيَةً فَكَانَتْ لَهُ وَلِمَنْ أَدْرَكَ مَعَهُ الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ جُمُعَةٌ، وَإِنْ قَدَّمَ رَجُلاً لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى، وَقَدْ كَبَّرَ مَعَهُ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ تَشَهَّدَ، وَقَدَّمَ مَنْ أَدْرَكَ أَوَّلَ الصَّلاَةِ فَسَلَّمَ، وَقَضَى لِنَفْسِهِ ثَلاَثًا لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً حَتَّى صَارَ إمَامَ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا رَعَفَ الْإِمَامُ أَوْ أَحْدَثَ أَوْ ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَخَرَجَ يَسْتَرْعِفُ أَوْ يَتَطَهَّرُ ثُمَّ رَجَعَ اسْتَأْنَفَ الصَّلاَةَ، وَكَانَ كَالْمَأْمُومِ غَيْرُهُ فَإِنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ الْمُقَدَّمِ بَعْدَهُ رَكْعَةً أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى، وَكَانَتْ لَهُ جُمُعَةٌ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً صَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ كُتِبَ مُنَافِقًا فِي كِتَابٍ لاَ يُمْحَى، وَلاَ يُبَدَّلُ». أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ أَبِي الْجَعْدِ الضَّمْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لاَ يَتْرُكُ أَحَدٌ الْجُمُعَةَ ثَلاَثًا تَهَاوُنًا بِهَا إلَّا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ». قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ ثَلاَثًا وَلاَءً. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ: سَمِعْت عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ يَقُولُ: لاَ يَتْرُكُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ الْجُمُعَةَ ثَلاَثًا تَهَاوُنًا بِهَا لاَ يَشْهَدُهَا إلَّا كُتِبَ مِنْ الْغَافِلِينَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: حُضُورُ الْجُمُعَةِ فَرْضٌ فَمَنْ تَرَكَ الْفَرْضَ تَهَاوُنًا كَانَ قَدْ تَعَرَّضَ شَرًّا إلَّا أَنْ يَعْفُوَ اللَّهُ كَمَا لَوْ أَنَّ رَجُلاً تَرَكَ صَلاَةً حَتَّى يَمْضِيَ وَقْتَهَا كَانَ قَدْ تَعَرَّضَ شَرًّا إلَّا أَنْ يَعْفُوَ اللَّهُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: بَلَغَنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَكْثِرُوا الصَّلاَةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِنِّي أُبَلَّغُ وَأَسْمَعُ» قَالَ، وَيُضَعَّفُ فِيهِ الصَّدَقَةُ، وَلَيْسَ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ فِيمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ يَعْنِي غَيْرَ ذِي رُوحٍ إلَّا وَهُوَ سَاجِدٌ لِلَّهِ تَعَالَى فِي عَشِيَّةِ الْخَمِيسِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَإِذَا أَصْبَحُوا فَلَيْسَ مِنْ ذِي رُوحٍ إلَّا رُوحُهُ رَوْحٌ فِي حَنْجَرَتِهِ مَخَافَةً إلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَإِذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ أَمِنَتْ الدَّوَابُّ، وَكُلُّ شَيْءٍ كَانَ فَزِعًا مِنْهَا غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَقْرَبُكُمْ مِنِّي فِي الْجَنَّةِ أَكْثَرُكُمْ عَلَيَّ صَلاَةً فَأَكْثِرُوا الصَّلاَةَ عَلَيَّ فِي اللَّيْلَةِ الْغَرَّاءِ، وَالْيَوْمِ الْأَزْهَرِ». قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَعْنِي، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَلَيْلَةُ الْجُمُعَةِ فَأَكْثِرُوا الصَّلاَةَ عَلَيَّ». قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَكْثِرُوا الصَّلاَةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ». قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبَلَغَنَا أَنَّ مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ وُقِيَ فِتْنَةُ الدَّجَّالِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأُحِبُّ كَثْرَةَ الصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ حَالٍ، وَأَنَا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَلَيْلَتِهَا أَشَدُّ اسْتِحْبَابًا، وَأُحِبُّ قِرَاءَةَ الْكَهْفِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، وَيَوْمَهَا لِمَا جَاءَ فِيهَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْأَزْهَرِ مُعَاوِيَةُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: أَتَى جِبْرِيلُ بِمِرْآةٍ بَيْضَاءَ فِيهَا وَكْتَةٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا هَذِهِ؟» فَقَالَ: هَذِهِ الْجُمُعَةُ فَضُلْت بِهَا أَنْتَ، وَأُمَّتُك فَالنَّاسُ لَكُمْ فِيهَا تَبَعٌ الْيَهُودُ، وَالنَّصَارَى، وَلَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ، وَفِيهَا سَاعَةٌ لاَ يُوَافِقُهَا مُؤْمِنٌ يَدْعُو اللَّهَ بِخَيْرٍ إلَّا اُسْتُجِيبَ لَهُ، وَهُوَ عِنْدَنَا يَوْمُ الْمَزِيدِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا جِبْرِيلُ، وَمَا يَوْمُ الْمَزِيدِ؟» فَقَالَ: إنَّ رَبَّك اتَّخَذَ فِي الْفِرْدَوْسِ، وَادِيًا أَفَيْحَ فِيهِ كُثُبٌ مِسْكٌ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَا شَاءَ مِنْ مَلاَئِكَتِهِ، وَحَوْلَهُ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ عَلَيْهَا مَقَاعِدُ النَّبِيِّينَ، وَالصِّدِّيقِينَ، وَحَفَّ تِلْكَ الْمَنَابِرَ بِمَنَابِرَ مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلَةٍ بِالْيَاقُوتِ، وَالزَّبَرْجَدِ عَلَيْهَا الشُّهَدَاءُ، وَالصِّدِّيقُونَ فَجَلَسُوا مِنْ وَرَائِهِمْ عَلَى تِلْكَ الْكُثُبِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَا رَبُّكُمْ قَدْ صَدَقْتُكُمْ، وَعْدِي فَسَلُونِي أُعْطِكُمْ فَيَقُولُونَ رَبَّنَا نَسْأَلُك رِضْوَانَك فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ رَضِيتُ عَنْكُمْ، وَلَكُمْ مَا تَمَنَّيْتُمْ، وَلَدَيَّ مَزِيدٌ فَهُمْ يُحِبُّونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِمَا يُعْطِيهِمْ فِيهِ رَبُّهُمْ مِنْ الْخَيْرِ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي اسْتَوَى فِيهِ رَبُّك تَبَارَكَ اسْمُهُ عَلَى الْعَرْشِ، وَفِيهِ خُلِقَ آدَم، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ. أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عِمْرَانَ إبْرَاهِيمُ بْنُ الْجَعْدِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ شَبِيهًا بِهِ. وَزَادَ عَلَيْهِ: وَلَكُمْ فِيهِ خَيْرٌ مَنْ دَعَا فِيهِ بِخَيْرٍ هُوَ لَهُ قَسْمٌ أُعْطِيهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَسْمٌ ذُخِرَ لَهُ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْه. وَزَادَ أَيْضًا فِيهِ أَشْيَاءَ. أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَجُلاً مِنْ الْأَنْصَارِ جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنَا عَنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مَاذَا فِيهِ مِنْ الْخَيْرِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فِيهِ خَمْسُ خِلاَلٍ فِيهِ خُلِقَ آدَم، وَفِيهِ أَهَبَطَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آدَمَ عليه السلام إلَى الْأَرْضِ، وَفِيهِ تَوَفَّى اللَّهُ آدَمَ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لاَ يَسْأَلُ اللَّهَ الْعَبْدُ فِيهَا شَيْئًا إلَّا آتَاهُ اللَّهُ تَعَالَى إيَّاهُ مَا لَمْ يَسْأَلْ مَأْثَمًا أَوْ قَطِيعَةَ رَحِمٍ، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، وَمَا مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَلاَ سَمَاءٍ وَلاَ أَرْضٍ، وَلاَ جَبَلٍ إلَّا وَهُوَ مُشْفِقٌ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ». قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: «فِيهِ سَاعَةٌ لاَ يُوَافِقُهَا إنْسَانٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ»، وَأَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا. أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى آدَمَ عليه السلام، وَفِيهِ أُهْبِطَ، وَفِيهِ تِيبَ عَلَيْهِ، وَفِيهِ مَاتَ وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، وَمَا مِنْ دَابَّةٍ إلَّا وَهِيَ مُسِيخَةٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ حِينَ تُصْبِحُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ شَفَقًا مِنْ السَّاعَةِ إلَّا الْجِنَّ وَالْإِنْسَ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لاَ يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ: هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَقُلْت لَهُ: وَكَيْفَ تَكُونُ آخِرَ سَاعَةٍ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ يُصَلِّي»، وَتِلْكَ سَاعَةٌ لاَ يُصَلَّى فِيهَا؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ: أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ جَلَسَ مَجْلِسًا يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ فَهُوَ فِي صَلاَةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ؟» قَالَ: فَقُلْت: بَلَى قَالَ: فَهُوَ ذَلِكَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَيِّدُ الْأَيَّامِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ». قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّ ابْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ: أَحَبُّ الْأَيَّامِ إلَيَّ أَنْ أَمُوتَ فِيهِ ضُحَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تعالى: وَالسَّهْوُ فِي صَلاَةِ الْجُمُعَةِ كَالسَّهْوِ فِي غَيْرِهَا، فَإِنْ سَهَا الْإِمَامُ فَقَامَ فِي مَوْضِعِ الْجُلُوسِ عَادَ فَجَلَسَ، وَتَشَهَّدَ، وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ.
|